المتصل الظاهر في تقييد المستثنى منه بغير مورده، نظير كثير من موارد الاستثناء، كقول الآمر: " أكرم العلماء إلا الفساق " فإنه ظاهر في إرادته الفساق من العلماء، ونحوه ما نحن فيه لو كان بين العنوانين عموم من وجه، فلاحظ.
ثم إن الظاهر المعارضة التي شكلها الشيخ (قدس سره) أن آية التجارة تدل على اللزوم ولذا تعارضها آية الأكل بالباطل، فيرجع إلى أصالة اللزوم. مع أن آية التجارة إنما تدل على الصحة لا أكثر فهي لا تدل على ما ينافي مفاد الصدر من ثبوت الخيار، فالتفت.
ومن هنا تعرف الاشكال في تشكيله المعارضة بنحو آخر.
وأما ما ذكره بعد المعارضة الأولى بقوله: " إلا أن يقال إن التراضي مع الجهل بالحال لا يخرج عن كون أكل الغابن لمال المغبون الجاهل أكلا للباطل ".
فقد قيل فيه إن (لا) في " لا يخرج " غلط، لأن ثبوتها يتنافى مع كونه استدراكا عن المعارضة، بل هو يؤكد المعارضة، فالصحيح هو " يخرج " فيصح الاستدراك إذ يكون المقصود بيان عدم المعارضة بحكومة آية التجارة على آية الأكل بالباطل لاخراجها المورد عن كونه أكلا بالباطل.
لكن الالتزام بذلك يخالف الظاهر من جهة أخرى وهي أن المعارضة المذكورة ذكرت بعنوان الاستدراك على الاستدلال على ثبوت الخيار بآية الأكل بالباطل، فالاستدراك الذي يتعقبها لا بد أن ينتهي إلى تأييد الاستدلال المزبور وتتميمه لا إلى ما ينافيه، وفرض " لا " زائدة يستلزم ذلك لأنه ينتج تحكيم آية التجارة عن تراض واثبات اللزوم بها، وهو لا يتلاءم مع التمسك بآية الأكل بالباطل لإثبات الخيار.
ولأجل ذلك ذهب المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) إلى ضرورة ثبوت " لا " خلافا للسيد (رحمه الله) (2) الذي ذهب إلى كونها غلطا.