فعلا، فهو ليس كالرضا التقديري الذي يبحث عن تأثيره في حلية التصرف بمال الغير.
ولأجل ذلك وجهه الشيخ (قدس سره) بتوجيه ذي صورة علمية وهو: أن بناء المغبون في مقام التعامل على الشراء ما يساوي القيمة المبذولة للمبيع وهو شرط ارتكازي، فرضاه تعلق بشراء مساوي القيمة، فإذا تبين نقص المبيع عن القيمة كان كسائر صفات المبيع التي لا يوجب عدمها بطلان البيع بل يوجب الخيار، فالآية إنما تدل على عدم لزوم العقد بما ينقص عن القيمة فإذا رضي بذلك كان كالرضا السابق لفحوى حكم الفضولي والمكره.
ثم ناقشه (قدس سره) بأن الوصف المذكور - أعني مساوي القيمة - لم يؤخذ شرطا بل أخذ بنحو الداعي الذي لا يوجب تخلفه البطلان ولا الخيار، ولو كان مأخوذا بنحو التقييد لم يستوجب الخيار إذا لم يكن مذكورا في متن العقد.
أقول: التقريب الذي ذكره الشيخ (قدس سره) للاستدلال بالآية الشريفة كسابقه في الضعف، إذ الآية إنما تدل على حكم ايجابي وهي صحة التجارة عن تراض ولا مساس لها بالحكم السلبي وهي عدم صحة البيع لا عن رضا إلا بملاحظة عقد المستثنى منه والمفروض عدمه، لأن الاستدلال بعقد المستثنى لا بمجموع الآية.
فالاستدلال يبتني على فرض مفهوم للمستثنى خاصة مضمونه عدم صحة التجارة لا عن تراض غير ما يستفاد من المنطوق بملاحظة عقد المستثنى منه. وهذا لا وجه له.
وبالجملة، عقد المستثنى إنما يتكفل حكما ثبوتيا لا سلبيا، فأي ربط له بالدلالة على الخيار فيما نحن فيه. وقد تنبه لذلك المحقق الإيرواني (رحمه الله) (1). هذا أولا.
وأما ثانيا: فقد سلمنا بوجود مفهوم لخصوص عقد المستثنى يدل على حكم سلبي، ولكن مفاده هو نفي صحة العقد لا عن رضا، فمن أين يستفاد ثبوت الخيار؟
فالاستدلال..