استظهرناه منه من أنه ظاهر في استقرار نفس المأخوذ في عهدة الآخذ، وتلفه لا يقتضي انقلابه إلى القيمة، بل يبقى المال غير متقدر بالقيمة إلى يوم الأداء.
الثالث: تسالم الأصحاب على صحة المصالحة بين التالف وأي مقدار من القيمة، ولو كان التلف موجبا للانقلاب إلى القيمة لم تصح المصالحة إلا على مقدار ما يساوي قيمة التالف، وإلا لزم الربا، فعدم ملاحظة أحكام الربا كاشف عن أن العوضين ليسا متجانسين.
وأما مدرك القول بيوم التلف فهو الأخبار الواردة في باب الرهن والعتق.
أما الأول: ففي الوسائل عن أبي حمزة سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام: (يترادان الفضل، فقال: كان علي عليه السلام يقول) ذلك، قلت: كيف يترادان؟
فقال: إن كان الرهن أفضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل على صاحبه، وإن كان لا يسوى رد الراهن ما نقص من حق المرتهن، قال: وكذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان وغير ذلك (1).
وفيه أيضا عن إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلك، أعلى الرجل أن يرد على صاحبه مائتي درهم؟ قال: نعم، لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيعه، قلت: فهلك نصف الرهن؟ قال: على حساب ذلك، قلت: فيترادان الفضل؟ قال: نعم) (2). فهذان الخبران يدلان على أمرين:
الأول: أن القيمي بمجرد التلف ينتقل إلى القيمة.
الثاني: أنه يحتسب التالف قهرا في مقابل الدين، والتهاتر القهري لا يمكن إلا بالانتقال إلى القيمة في يوم التلف، وإلا كان على الراهن أن يؤدي الدين ويأخذ حقه من المرتهن إما بقيمة يوم الإتلاف، أو يوم الدفع، أو أعلى القيم، أو يوم التفريط لو كان غير يوم التلف.