نعم، لو قام دليل خاص على صحة هذه الإباحة بالإذن كما ادعي (1) قيام السيرة على صحة المعاطاة فيما لو قصد المتعاطيان الملك مع ترتب الإباحة عليه، وكذا لو قصدا الإباحة المطلقة وادعي الإمضاء أيضا، أو قام دليل على عموم أنحاء سلطنة المالك حتى إذنه في التصرفات المتوقفة على الملك لخصصنا به الدليل الدال على اعتبار وقوع هذه التصرفات في الملك لو كان شرعيا، أو نقدر الملك آنا ما لو كان عقليا.
وأما إذا لم يقم دليل خاص فبعموم (الناس مسلطون) (2) لا يمكن إحراز كفاية إذن المالك وإباحته في التصرف فيما يتوقف على الملك.
وبالجملة: كون عكس المسألة من قبيل المسألة إنما هو فيما لو كان إذنه في عتق العبد إذنا في توكيله باستيفاء العبد من قبل مالكه بأمر معاملي موجب للضمان، فوقوع العتق بمنزلة الاستيفاء بالضمان، والإذن بمنزلة القبول، ولازم الاستيفاء بالضمان وقوع العتق في ملك المستوفي الضامن وولائه له، بخلاف ما إذا أذنه في عتقه من قبل مولاه تبرعا منه للمأمور، فإن ولاءه للآذن الذي خرج العبد عن ملكه، وأما مجرد الإذن في العتق بدون قصد التبرع وبدون وقوع المعاملة بينهما فلا يفيد في صحة وقوع العتق، لأن الناس غير مسلطين على إباحة ما لا تؤثر الإباحة فيه.
ثم إن الأمور التي تتوقف على الملك قطعا هو البيع والعتق والوطئ، وأما الخمس والزكاة وثمن الهدي ففيها خلاف كما سنشير إليه.
أما البيع فلما تقدم (3) من أن حقيقته تبديل المالين، ولازمه خروج العوض عن ملك من يدخل في ملكه المعوض، وبالعكس، فمع بقاء ما أخذ بالمعاطاة في ملك مالكه - أي المبيح - لا يمكن دخول العوض في ملك المباح له من دون خروج المعوض عن ملكه، وليس اعتبار هذا الشرط لإخراج التمليك المجاني