ظاهر في الحلية الوضعية، كسائر الأحكام المتعلقة بالموضوعات الخارجية.
ولكن المصنف (١) قدس سره متأمل في ذلك، ووجه تأمله مقابلة الحلية في الآية مع الحرمة الظاهرة في الحكم التكليفي، فإن حرمة الربا يراد منها ما يستحق على مخالفتها العقاب، لا الفساد.
ولكنه يمكن أن يجاب عنه بأن الربا هنا بمعنى الزيادة، وهي المال المأخوذ زائدا على أحد العوضين، فالحرمة فيها أيضا وضعية.
وبالجملة: فالحق في المقام أن يقال: إن الفعل الواقع من المتعاطيين بقصد التمليك والتملك مصداق للجدة الاعتبارية ويتحقق به تبديل أحد طرفي الإضافة بمثله، كما يتحقق به الجدة الاصطلاحية، ويكشف عنه السيرة المستمرة بين أهل الشرائع في إنشاء التمليك والتملك به، وتصرف المتعاطيين فيما انتقل إليهما حتى ما يتوقف على الملك، فمنع صدق البيع عليه لا وجه له أصلا، فإذا صدق عليه البيع يكون من أفراد التجارة عن تراض، ومن مصاديق قوله عز من قائل: ﴿وأحل الله البيع﴾ (2)، من غير فرق بين أن يجعل الاستثناء في الآية الأولى من الاستثناء المنقطع، أو من المتصل، بأن يكون الاستثناء راجعا إلى مطلق الأكل، ويكون معنى الآية: لا تتصرفوا في أموا لكم بنحو من الأنحاء فإنه باطل، إلا التجارة عن تراض، لأنه - على أي حال - يدل على نفوذ التجارة عن تراض، وأنها مما يجوز.
ومن غير فرق في الآية الثانية بين أن يراد من الحلية الحلية الوضعية، أو التكليفية.
أما على الأول: فواضح، فإن تعلق الحل والحرمة بالأعيان الخارجية بلحاظ تعلق فعل المكلف بها ظاهر في صحتها ونفوذها بالمطابقة.
وأما على الثاني فلأن متعلق الحل هو المسبب، أي نفس التمليك والتملك، فإذا كان التمليك حلالا فمعناه: أنه يتحقق كما لو قيل: إن بيع المصحف من الكافر