حق الاختصاص فيه فهذا غير قابل للزوال بزوال الملكية.
نعم، لو قيل: بأن الحق والملك متغايران ذاتا وموردا فيجئ النزاع في أنه لمن سبق إليه، أو للمالك مطلقا، أو لمن كان يده يدا استقلالية؟ وعلى هذا لا يجري استصحاب وجوب الرد الثابت سابقا، سواء كان هو المتأصل في الجعل والملكية أو الحق، منتزعة عنه أم كان المجعول هو الملكية، أو حق الاختصاص، وكان وجوب الرد من أحكامه.
أما على الأخير فواضح، للعلم بزوال الملكية والشك في ثبوت حق الاختصاص، وأما على الأول فلأن الوصف العنواني وهو الملك أو الحق له دخل في وجوب الرد، وليس الموضوع هو ذات الشئ، ولا أقل من الشك فلا مجال لاستصحابه، فتأمل.
ولكن هذا القول ضعيف جدا، ولا يشهد له الاختلاف في باب إحياء الموات، وهو: أن من عمر أرضا خربة تركها أهلها هل ينتفع بها بلا حق لصاحبها الأصلي، أو مع إعطائه طسقا، لأن الاختلاف فيه: إنما هو لاختلاف الأخبار في بقاء الملك على ملك المالك الأصلي فيستحق الطسق، أو زواله فلا يستحق شيئا، ولا تدل على عدم بقاء حق الاختصاص لصاحبه الأصلي مع بقاء الملك على ملكه، بل من نفس هذه الأخبار يظهر صدق ما ادعيناه من أن الحق من مراتب الملكية، لظهورها في أن من حجر مكانا يستحقه اختصاصا لا ملكا، وإذا عمره يصير ملكا له، فيحصل له أولا حق الاختصاص ثم الملكية، ولا شبهة في أن الحق لا يزول بعد حصول الملك، بل يندرج فيه.
وكيف كان، لا إشكال في أن الخمر إذا صار خلا عاد إلى ملك المالك اتفاقا إذا لم يسبقه سابق.
ثم إن مما يتفرع على هذه المسألة عدم جواز المسح بالبلل الباقي على أعضاء الوضوء، فإن الماء وإن كان تالفا عرفا فيجب على الضامن بدله، إلا أنه لم يخرج عن ملك المالك، لما عرفت أن الضمان في حد نفسه لا يقتضي دخول