الغاصب وقلنا بأنه لا يضمن، لأن المشتري سلطه عليه مجانا وجب على المشتري رد ثمن آخر على المالك، وكل من المالك والمشتري يضمنان لما وصل بيدهما.
وبالجملة: من هو طرف المعاوضة فهو ضامن للعوض، ومن ليس ضامنا لا يكون طرفا.
ومنها: اشتراء الصبي والمجنون وهبتهما وعاريتهما، فإن اشتراءهما نقض للأصل، وهبتهما وعاريتهما نقض للعكس، لأن المبيع لو تلف عندهما لا يضمنان، مع أن صحيح البيع يوجب الضمان، وكذا يضمن المتهب والمستعير لما وهبه أو أعاره الصبي أو المجنون، مع أن الصحيح من الهبة والعارية لا يوجب الضمان وفيه: أن عقدهما كلا عقد، والأفعال القصدية منهما كالعدم، ومحل الكلام في الصحيح والفاسد فيما يضمن ولا يضمن هو العدم والملكة، أي محل البحث فيمن كان قبضه معتبرا، وإنشاء الصغير والمجنون وقبضهما كالعدم، فإنهما غير قابلين للتعهد، فعدم ضمانهما للمبيع إنما هو لضعف مباشرتهما، فسند التلف إلى السبب وهو البائع.
وكذا ضمان المتهب والمستعير إنما هو لعدم أهليتهما للهبة والإعارة.
فتحصل مما ذكرنا كله أمور:
الأول: أن هذه القاعدة أسست لموارد تمييز اليد المجانية عن غيرها الناشئة عن العقود وما يلحق بها، فعلى هذا يخرج مثل السبق والرماية ونحوهما مما لا يدخل تحت اليد، فلا نقض بمثل ذلك، وتخرج اليد الناشئة عن غير العقود وما يلحق بها.
الثاني: أن معنى الضمان هو كون الشئ في عهدة الضامن، والخروج من العهدة يختلف باختلاف الموارد. ففي الصحيح الجامع بين المسمى والمثل أو القيمة هو المضمون، لأنه لو تلف أحد العوضين فلو لم ينفسخ العقد فمن تلف المال عنده ضامن للمسمى، ولو فسخ أو انفسخ أو أقيل فضامن للمثل أو القيمة، وفي الفاسد من أول الأمر الضمان يتعلق بالمثل أو القيمة.