للضمان، والضمان صار سببا لكون المنافع له، كما في كل علة غائية فإنها داعية لإيجاد الفعل، والفعل سبب لترتبها عليه خارجا.
وبالجملة: قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج بالضمان) (1) ظاهر في أن التضمين كما صار سببا لأن يكون الخراج له فكذلك لحاظ الخراج صار سببا وداعيا لأن يتعهد المال، وهذا يختص بضمان المشتري المبيع، فإن المقصود الأصلي من ضمان المبيع وجعل الثمن بإزائه هو: أن ينتفع به، بل مناط مالية الأموال إنما هو لمنافعها وخواصها.
ومما ذكرنا من أن الغرض الأصلي إنما هو استفادة المنفعة والخاصية يظهر أن العارية المضمونة وشرط ضمان المبيع على البائع ونحوهما خارج عن قوله صلى الله عليه وآله:
(الخراج بالضمان).
أما العارية فلأن الضمان ليس بإزاء المنفعة، ولا الانتفاع، فإن المعير لا يضمن المستعير في مقابل المنفعة والانتفاع، بل ينتفع المستعير مجانا، وإنما يضمنه خوفا من تلفه، وليس المستعير ضامنا على كل تقدير، ولذا لو لم يتلف لا ضمان عليه.
وهكذا في ضمان البائع المبيع إذا تلف عند المشتري.
وقاعدة الخراج بالضمان ظاهرها أن الضمان فعلي، وهو يناسب باب البيع، فإن المشتري ضامن للمبيع، والبائع ضامن للثمن، فلهما منافعهما على ما هو المرتكز من أن (من عليه الغرم فله الغنم)، وهذا المعنى يستفاد أيضا من قوله عليه السلام: (ألا ترى أنها لو احترقت كانت من مال المشتري)؟ (2) في جواب من سأل عن منفعة المبيع في زمان خيار المشتري، أي كون المنافع له إنما هو بإزاء تلف المبيع في ملكه، فإذا التزم بكون المبيع تالفا في ملكه ناسب أن يكون هذا الالتزام بإزاء ما قصده من تملك المنافع.