ولكن الحق أن قاعدة اليد غير متعرضة لبيان أن المضمون هو المثل مطلقا إلا ما خرج بالاجماع، ولا أنه هو القيمة، لأنه يمكن استفادة المثلية والقيمية كليهما على كل من صورتي تقدير المضاف وعدمه، فإنه لو قيل: إن التقدير هو خسارة ما أخذت على اليد أمكن أن يقال: إن الخسارة التي هي بمعنى الغرامة والدرك هي في كل شئ بحسبه، ففي القيمي هو القيمة، وفي المثلي هو المثل.
ولو قيل: إن نفس (ما أخذت) على العهدة أمكن أن يقال: إن هذا المعنى لا يقتضي أن يكون الأصل هو المثل وهو في الذمة، لأنه ليس استقرار المأخوذ في العهدة إلا عبارة عن استقرار شخص العين، وأما صفاتها الموجودة فيها وكذلك ماليتها فليست في عرض شخص العين مما يتعلق به الضمان بحيث إذا تلفت العينية بقيت الصفة والمالية.
وبالجملة: لا تدل قاعدة اليد إلا على لزوم أداء المأخوذ وضعا وتكليفا، وإذا تلف فكل ما صدق أنه أداء له هو الذي يتعلق به الضمان، وهو يختلف باختلاف المثلي والقيمي، ففي مورد الشك في كون الشئ مثليا أو قيميا فالأصل اللفظي لم يقم على كون الشئ مثليا إلا ما خرج، ولا على كونه قيميا إلا ما خرج، فلا بد من الرجوع إلى الأصول العملية. ولا شبهة أنه لو قلنا: بأن القيمي والمثلي من المتباينين فالأصل هو تخيير الضامن، لأنه يعلم إجمالا باشتغال ذمته بواحد من المثل والقيمة.
وبعد ما قام الاجماع على عدم وجوب الموافقة القطعية في الماليات انتهى الأمر إلى الموافقة الاحتمالية، وهي تحصل بأداء كل ما أراد، واشتغال ذمته بأحد الخصوصيتين التي اختارها المالك غير معلوم، فالأصل هو البراءة.
ولو قلنا بأنهما من الأقل والأكثر بتقريب أن القيمة ليست لها خصوصية وجودية مثل المثلي، بل هي عبارة عن المالية المشتركة بين كون العين مثلية وقيمية، فالمقام من دوران الأمر بين الأقل والأكثر في مقام الاشتغال، وأصل تعلق الخصوصية في الذمة والمرجع هو البراءة. فعلى كلا التقديرين التخيير للضامن.