الإنشاء اللفظي، وإنما المؤثر هو الإنشاء. فخلاف الظاهر، لأن مع فرض الإنشاء على نحوين أجاب الإمام عليه السلام بأن أحدهما محرم، فالظاهر من الكلام في كلا البابين هو المعنى الثاني، وهو أن الغرض الواحد - وهو الربح في باب البيع، وجعل العوض للبذر والبقر في باب المزارعة - لو عبر عنه بكلام خاص يفسد، ولو عبر بكلام آخر يصح، وهذا لا يدل على اعتبار اللفظ في الصحة والفساد، لعدم كونه ناظرا إلى هذه الجهة أو المعنى الثالث، بناء على ما احتمله المصنف (1) قدس سر ه.
من أن المحللية بالكلام باعتبار عدم البيع قبل الشراء، وباعتبار عدم الجعل للبذر والمحرمية به باعتبار البيع والجعل للبذر، وهذا الاحتمال وإن كان جامعا بين البابين إلا أنه لا يخفى ضعفه، لأن نسبة المحللية إلى عدم الشئ لا تصح، فإن العدم لا يؤثر في الصحة، ولو أمكن التفكيك في معنى الفقرتين بين البابين لكان الأنسب بالنسبة إلى الشراء من غير المالك هو المعنى الرابع، بأن يكون الألف واللام للعهد، أي يحلل الكلام وهو المقاولة، ويحرم الكلام وهو البيع.
وعلى أي تقدير لا تدل الرواية على اعتبار اللفظ في المعاملات، إلا أن يقال - كما أفاده المصنف (2) قدس سره -: إن هذه الفقرة على أي حال تدل على انحصار المحلل والمحرم باللفظ وإن لم يستظهر منها المعنى الأول، وذلك لأنه لو انعقد البيع بالمعاطاة لم يصح حصر المحرم بالكلام، لإمكان بيع ما ليس عنده بالمعاطاة.
ولكنه قدس سره أجاب (3) عن هذا الإشكال بأن وجه انحصار المحرم بالكلام في هذا المورد من باب عدم إمكان المعاطاة، إذ المبيع ليس عند الدلال، ثم أمر بالتأمل، ووجهه ظاهر، وهو:
أولا: إمكان كون المبيع عند الدلال فيبيعه من المشتري، ثم يشتريه من مالكه.
وثانيا: كفاية التعاطي من طرف واحد.