فمرجع المسألة إلى أن المصلي يعتمد على ملاحظة الخروج عن الصلاة عرفا وعدمه على نهج ما يفهمه في سائر الأفعال العرفية، وهذا أمر ليس فيه كثير مشقة، وليس خارجا عن طور العرف والعادة حتى لا يمكن حوالته عليه. وذلك مثل حوالة المكلف في وجوب الاجتناب عن الغناء إلى العرف على القول به كما هو الأظهر، وكذلك في خروجه عن دار الإقامة وعدمه في مسألة القصر.
ثم إن المشهور تخصيص حكم إبطال الفعل الكثير بصورة العمد، فلا يبطل لو كان نسيانا عندهم، وادعى عليه الاجماع في الذكرى (1)، ونسبه في التذكرة إلى علمائنا (2).
وقال الشهيد الثاني رحمه الله: لو استلزم الفعل الكثير ناسيا انمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا، لكن الأصحاب أطلقوا الحكم بعدم البطلان (3).
وأقول: كلامهم في ذلك أيضا يشعر بانفكاك العنوانين، أعني الكثرة وكونه مخرجا عن الصلاة، وقد عرفت كلام المنتهى المشعر بالاتحاد، وعرفت حقيقة الأمر أيضا.
وإن ثبت إجماعهم على عدم البطلان في صورة السهو فهو قانون جديد لازم الاتباع، ومعناه تشريع قيام فعل آخر مقام الصلاة، لأنه غير مطابق لقاعدة العقل في امتثال الأمر، ولا تقبل القاعدة العقلية التخصيص.
والأوجه عندي البطلان، والأبحاث المتقدمة تدور عليهم إن جعلوا كثرة الفعل مغايرة لكونه مخرجا من الصلاة وأرادوا ذلك، لعدم التحديد، وعدم الدليل عليه، وعدم ثبوت مورد الاجماع حينئذ، لأن النفي والإثبات في صورتي العمد والسهو متعلقان بشئ واحد.