أقول: وبعد ما ذكرنا فلا وجه له، لعدم ظهور الدليل على ذلك، وأما ما يظهر من تعليله ذلك الحكم برفع التباعد ففيه أيضا ما عرفت.
نعم يمكن أن يقول: شمول الصحيحة لذلك محل تأمل، وكذا فهم العرف من الأخبار المطلقة، فيحصل الاحتمال، سيما مع كثرة الصفوف وكون الصف الآخر أول من يحرم، فيكون ترك ذلك أولى وأحوط، فيكون مستحبا.
ولعله - رحمه الله - مراده أيضا الاستحباب كما يشعر به كلامه، ولكن تعارضه فضيلة المسارعة والمسابقة إلى الخير، ومع ذلك فالأحوط سيما فيما فرضناه التأخير.
ومما ذكرنا لعلك تتنبه على حال من تنقطع عنه الصفوف في حال الصلاة بأن تتم صلاتهم، كما لو كانوا مسافرين، أو مؤتمين به بغير صنف صلاته، أو يقصدون الانفراد ونحو ذلك، فالظاهر أن صلاته صحيحة، ولا عبرة بالتباعد أيضا.
ولا يجب عليه العود إلى ما يتخطى ونحوه إذا لم يكن فعلا كثيرا، ولا قصد تجديد القدوة بناءا على جواز تجديد المؤتم بإمام آخر إذا انتهت صلاة الإمام، والذي يستفاد من الأخبار لا يزيد على اعتبار ذلك في أول الصلاة، ولا دليل في غيره.
وقيل: تنفسخ القدوة، ولا تعود بانتقاله إلى محل القرب (1).
ولقد أحسن السيد الفاضل - رحمه الله - حيث قال: والأصح أن عدم التباعد; إنما يعتبر في ابتداء الصلاة خاصة دون استدامتها كالجماعة والعدد في الجمعة; تمسكا بمقتضى الأصل السالم عن المعارض (2). والتشبث بما ذكرنا من ظهور الصحة من الإطلاقات أولى.
وبالجملة الاحتياط في أمثال تلك المسائل التي لا نص عليها بالخصوص أولى، ولكن الاحتياط ههنا مع ما يأتي من الإشكال في إطلاق الحكم في جواز الانفراد، ومع ثبوت الإشكال في العود إلى ما يقرب من الإمام أو قصد تجديد القدوة لعله