والغريم وقتل الحية (1) يخصص بما أوجب الخروج عن الصلاة.
ثم إن من تتبع الأخبار يحصل له الظن القوي بل القطع بأنه لا مدخلية لخصوصيات الأفعال، بل المخل هو الكثرة، وأن المقدار المرخص فيه هو غير ما كان ماحيا لصورة الصلاة، والممنوع منه هو ما كان ماحيا من دون فرق بين المواضع.
وأفتى الفقهاء في كثير من تلك المواضع مثل قتل المؤذيات من الحية والعقرب وغيرهما، والتصفيق وضرب الحائط تنبيها على الحاجة، وعد الركعات، والتسبيح بالحصى، ورمي الغير بالحصى طلبا لإقباله، وضم الجارية إليه، وإرضاع الصبي حال التشهد، ورفع القلنسوة من الأرض ووضعها على الرأس; رواه الشهيد في الذكرى (2)، ولبس العمامة والرداء، ومسح الجبهة، وغير ذلك. والأخبار فيما ذكرنا وفي غيرها طويلة لا نطيل بذكرها.
وقال العلامة في المنتهى بعد العبارة التي نقلناها عنه سابقا: ولم يحد الشارع القلة والكثرة، والمرجع في ذلك إلى العادة، وكلما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين فعلوه في الصلاة أو أمروا به فهو من القليل (3).
والظاهر أن مراده - رحمه الله - أن ما فعلوه أو أمروا به هو القليل من تلك الأفعال، لا أن كلها قليل، فإن قتل الحية قد يوجب فعلا كثيرا مثلا.
ويحتمل أن يكون مراده أنه إن ثبتت كثرته أيضا فهو في حكم القليل في الجواز، وهو بعيد، لكمال الإشكال في تخصيص الدليل العقلي، وجعل ذلك عبادة أخرى قائمة مقام الصلاة أبعد.