ومرة بأن يسهو في أكثر الخمس - يعني ثلاث صلوات من الخمس - فيسقط حكمه بعد ذلك (1)، فإن أراد حصول الكثرة بذلك أيضا فحسن، وإلا فلا وجه لهذا التحديد.
وأما صحيحة محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام، قال: " إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو " (2) ففيها إجمال، وأظهر معانيها: أنه إذا لم تحصل له ثلاث صلوات متواليات بدون الشك فهو ممن كثر شكه، ولا دلالة فيها على انحصار كثير الشك في ذلك، وكما أن حصوله يعرف بالعرف، فكذلك الخروج عنه، ولا يعتبر فيه اتحاد المشكوك فيه.
ولو كثر شكه في فعل خاص ففي تعديه إلى غيره وجهان، أقربهما العدم، لأن المتبادر من الأخبار المضافة فيها كثرة الشك إلى الصلاة كثرة طبيعة الشك في طبيعة الصلاة، لا الشك في جزء خاص منها، ويفهم الحكم في خصوص هذا الخبر من العلة المنصوصة، لا من أصل الخبر حتى يعارض به ما ذكرنا.
ومع الشك في حصول كثرة الشك الأصل عدمه، إلا أن يجد من نفسه أنه من الشيطان، فيبني على الكثرة.
وفي حصول كثرة الشك بما استقر الظن على أحد طرفيه بعد التروي وبما حصل في النافلة وجهان، أقربهما نعم، ولكن إذا اختص بالنافلة ولا يتعداها فحكمه ما مر في الجزء الخاص.
ثم إن علاج كثرة الشك يمكن بأمور يستحب الإقدام عليها والاهتمام بها، أغلبها التفكر في عظمة المعبود، وكونه العالم للغيب والشهادة، القادر الضار النافع الرازق المحيي المميت المنعم الصمد لا غيره، وفي عجز نفسه وذاته وهوانها عنده، وفي فناء الدنيا ولذاتها، وبقاء نعيم الآخرة وعظمتها، وشدة العذاب وعدم