فبالجملة: الأمر عندنا بعد ما عرفت، يدور بين أمرين: إما عدم جريان أدلة الأمارات والأصول حول العلوم الإجمالية، أو جريانها وصحة الالتزام بالكل من غير المعارضة، لإمكان ذلك ثبوتا، وجريانها إثباتا.
إذا عرفت هذه الوجيزة، فدونك صورتي المسألة:
الصورة الأولى: ما إذا علم علما وجدانيا بالحكم والتكليف فإن قلنا بحجية العلم ذاتا كما عليه الأصحاب (رحمهم الله) (1) فأدلة الأمارات الإمضائية بل والتأسيسية - بناء على وجودها أحيانا في الشريعة الإسلامية - غير كافية، إما لعدم إطلاق فيها، أو لانصرافها عن هذه المواقف، ولا يبعد أقوائية الاحتمال الأول، فلو علم وجدانا بوجوب الظهر أو الجمعة، أو القصر أو التمام، فلا بناء من العقلاء على الأخذ بخبر الثقة النافي لكل واحد منهما بخصوصه، بل المناقضة العرفية كافية لعدم بناء منهم عليه، وإن أمكن رفع المناقضة عقلا وفي أدق ما يمكن.
وقد مرت المناقشة في أدلة بناء العقلاء اللفظية القائمة على حجية خبر الثقة، بل والعقلية، والعرفية (2)، فالقدر المتيقن منها غير هذا المورد.
وهكذا فيما إذا قلنا بعدم حجيته الذاتية، وإمكان سلب الحجية والمنجزية، ولا سيما بالنسبة إلى العلم الاجمالي، ولكنه حجة عقلائية قطعية، كما هو كذلك.
وأما توهم: أن من أدلة حجية الأمارات وخبر الثقة، يكشف ردع الشرع عن حجية العلم الاجمالي بعد إمكانه، فهو غير تام، لأن هذا فرع ثبوت الإطلاق، وقد