استصحاب عدم الجعل عندهم (1)، فيجري استصحاب عدم الوجوب والحرمة، وفي الشبهات الموضوعية يجري الاستصحاب الموضوعي، فتبقى أصالة البراءة بلا مورد.
وتوهم عدم جريان الاستصحاب في مورد الشك في علم زيد إذا لم تكن له الحالة السابقة، أو كان مشكوكا، مندفع بأنه يجري عند كثير منهم استصحاب العدم الأزلي (2)، فينفي العلم بانتفاء وجوده، ولا يثبت بعد ثبوت وجوده، مع أنه مسبوق عادة بالجهالة وعدم العلم، وهكذا في موارد الشك في الخمرية وأمثالها، كما لا يخفى.
فعلى هذا، لا يبقى مورد لجريان البراءة العقلية أو الشرعية، لأن الأصل المذكور بيان ورافع للجهالة تعبدا.
وبالجملة: قضية إطلاق أدلة البراءة، رفع الحكم المشكوك كليا كان، أو جزئيا، ومقتضى جريان الاستصحاب في جميع النواحي، سقوط البراءة، وتلزم لغويتها، نظير جريان استصحاب عدم الإتيان بالجزء المشكوك إتيانه بعد الدخول في الغير، فإنه لا يبقى مورد لقاعدة التجاوز، وتلزم لغويتها، وعلى هذا يجوز أن يقال: كما أن في تلك المسألة لا يجري الاستصحاب على الإطلاق، ويؤخذ بدليل القاعدة (3)، كذلك الأمر هنا، فالبراءة تكون جارية ولو كان في البين أصل مقدم عليها، نظرا إلى الفرار من اللغوية اللازم عقلا.
ولو قيل: بعدم جريان الاستصحاب الموافق دون المخالف، فلا تلزم اللغوية.
قلنا: مضافا إلى أنه لا وجه له، لا تنحل به المشكلة، لأن الالتزام بأن أدلة