موارد دوران الأمر بين المحذورين في العبادات، لعدم جواز الإتيان بالعبادة مع الشك في الوجوب والأمر، وقد ورد في بعض الأخبار " فإنا لا نفعل إلا ما امرنا " (1) والاحتياط في العبادات ممنوع، كما يأتي في التنبيه الآتي. نعم في التوصليات لا يأتي الإشكال المذكور.
وثانيا: دليل الاستصحاب قانون كلي يشمل جميع موارده، واللغوية الممنوعة هي لغوية ذات الدليل، دون إطلاقه، ولذلك يقال بجريان الأصل المسببي ذاتا، ومحكوميته إثباتا (2)، وليس ذلك إلا لأنه ليس من اللغو الممنوع عقلا.
وإن أريد منه أن الاستصحاب متقوم بلحاظ الحالة السابقة، وهذا أمر وشرط شخصي في جريانه، فلا تصل النوبة إليه بعد حكم العقل بالاشتغال.
ففيه: أن حكم العقل بالاشتغال، لا يكون إلا بعد ملاحظة اليقين بالاشتغال السابق، ولا يكفي مجرد الشك لدرك العقل اشتغاله، فعندئذ يحصل شرط جريان الاستصحاب، ويكون جاريا طبعا من غير اختيار، فمع الغفلة عن العلم بالاشتغال اليقيني لا يحكم العقل، أي لا يدرك لزوم الفراغ.
فتحصل: أنه يجري الاستصحاب في التعبديات والتوصليات، ويكون رافعا لموضوع القاعدة المذكورة أيضا، كما لا يخفى.