والذي هو التحقيق: أنه كما لا يصح التمسك به في الموردين في مواقع ترك المأمور به بتمامه، كذلك لا يصح في موارد ترك الجزء والشرط:
أما في الفرض الأول، فلما أشرنا إليه: من أن ترك الواجبات إذا كان عن إكراه واضطرار، لا يوجب استحقاق العقوبة عند العقل، فلا منة في الرفع، وهكذا إتيان المحرمات، وما هو موضوع حكم العقلاء في عذرية الإكراه والاضطرار، هو موضوع حكم الشرع، فلا فرق بين الموضوعين سعة وضيقا بحسب الصدق، حتى يقال: إن المنة بحسب سعة الصدق، فلا وجه لجريانه في هذه المواقف، بل ما يستتبعه التكليف النفسي عند العصيان، هو الاستحقاق، وهو غير قابل للرفع، فلا يرفع، وما هو قابل للرفع هي العقوبة الواقعية، وهي غير لازمة بحسب الواقع، فتأمل.
وأما في الفرض الثاني، وهو ما إذا كان ترك الجزء والشرط عن الإكراه والاضطرار، أو كان ترك الكل عنهما، وكان في ذلك الإعادة أو القضاء، فلا يجري الحديث، ضرورة أن مقتضى ما تحرر منا سابقا: أن طرو هذه العناوين الستة على الموضوعات الشرعية التي لها الآثار والأحكام، يوجب رفعها، وهذا الترك - سواء كان ترك الطبيعة، كترك الصلاة في الوقت، أو كان كترك الجزء والشرط - ليس له الأثر الشرعي، ولا يكون مأخوذا في دليل من الأدلة، فعليه لا يكفي مجرد كون الترك عن اضطرار واستكراه لرفع أثر المضاف إليه، وهو الجزء والشرط.
نعم فيما إذا كان عنوان " الترك " موضوعا كما مر تفصيله (1)، فيطرأه العنوان المذكور، فإنه يوجب زوال آثاره الوضعية.
وبالجملة: ما هو سند منع جريان حديث الرفع، ليس إلا أن مصب الإكراه