تقدير كفاية الحديث لصحة المأتي به - عبادة كان أو معاملة - فهو فيما إذا كان المنسي جزء أو شرطا أو مانعا غير مضر بالاسم، وغير دخيل في صدق الطبيعة، وأما فيما إذا احتمل دخالته في قوام الماهية، أو علم دخالته، واحتمل تدخل الشرع في الدخالة حال النسيان، فالحديث الشريف غير كاف لتصحيحه ولسببية المأتي به في باب العقود والإيقاعات.
مثلا: إذا نسي القصد إلى المضمون، أو نسي الركوع والسجود، وكانا قوام الصلاة، أو نسي القبول، وكان ركنا، فإنه لا يمكن التصحيح به، ضرورة أنه في صورة الشك في الدخالة، يرجع إلى الشك في الموضوع، وفي صورة العلم بها يرجع إلى انتفاء موضوع الحديث، وذلك لأن المنظور رفع الجزء المنسي من الصلاة والبيع، فلا بد من إحراز صدق الصلاة والبيع أولا، ثم إذا شك في أمر زائد يرجع إلى الحديث حسب التقريب المذكور.
أقول: لا شبهة ثبوتا في إمكان تعبد الشرع بالتوسعة في الصورتين، فلو ورد في مورد نسيان قصد البيع والطلاق، نص بصحتهما، يؤخذ به، ويحمل على أن الشرع، رتب الآثار على الموجود المذكور ولو لم يكن بيعا، كما في موارد العقد حال العدة مع العلم، فإنه لا يعقل ترشح القصد إلى الزواج مع أنه ركن في تحقق المسمى، ومع ذلك هو موضوع للحرمة الأبدية، على ما هو المشهور بينهم.
إذا تبين ذلك فلا بأس بدعوى: أن شرط جريان حديث الرفع، ليس إلا نسيان الجزء من المركب الذي له الأجزاء مثلا، وأما كون المنسي جزء البيع، أو جزء الصلاة، فلا يعتبر في جريانه، فلا يكون مجرى الحديث مخصوصا بالصورة المذكورة، حتى يقال: بأنه من الاستدلال في غير مقامه، بل المعتبر في المجرى أعم، ويكفي نسيان جزء المركب العبادي، أو المعاملي، أو الإيقاعي.