بعد النفوذ لما ذكرنا مرارا من عدم الملازمة بين الحرمة وعدم النفوذ وفيه إشارة إلى عدم الملازمة عرفا أيضا كما لا ملازمة عقلا فتأمل.
قوله: والتحقيق أنه في المعاملات كك الخ: إذا كان صحة شئ و نفوذه لازم وجوده فلا محالة يكون النهي عنه كاشفا عن صحته إذ المفروض أنه لا وجود له إلا صحيحا فلا بد من كونه مقدورا في ظرف الامتثال فالبيع الحقيقي حيث أن نفوذه لازم وجوده فلا محالة يكون النهي عنه كاشفا عن صحته، وحيث أن ذات العقد الانشائي لا يكون ملازما للنفوذ فمقدوريته بذاته لا ربط له بمقدوريته من حيث هو مؤثر فعلي.
نعم التحقيق كما مر مرارا أن إيجاد الملكية الذي هو معنى التمليك بالحمل الشايع متحد مع وجود الملكية بالذات ويختلفان بالاعتبار فأمر الملكية دائر بين الوجود والعدم لا أن إيجاد الملكية يتصف بالصحة لأن وجود الملكية ليس أثر له كي يتصف بلحاظه بالصحة دائما لأن الشئ لا يكون أثرا لنفسه، وأما الأحكام المترتبة على الملكية المعبر عنها بآثارها فنسبتها إليها نسبة الحكم إلى موضوعه لا نسبة المسبب إلى سببه ليتصف بلحاظه بالنفوذ والصحة.
ومنه يعلم أن النهي عن إيجاد الملكية وإن دل عقلا على مقدوريته وإمكان تحققه بحقيقته لكنه لا يدل على صحته حيث لا صحة له، والنهي عن السبب و إن دل على مقدوريته إلا أن وجوده لا يلازم نفوذه. فقول أبي حنيفة (1) ساقط على جميع التقادير. وأما العبادة سواء كانت ذاتية أو بمعنى ما لو أمر به لكان مما لا يسقط إلا بقصد القربة فحيث أن تأثيرها في القرب ليس لازم وجودها إذ لا يعقل المقربية مع المبغوضية فلا محالة لا يكشف النهي عنها عن صحتها مع إمكان تعلق النهي بها، وأما العبادة بمعنى المأتي به بداع الأمر فلا يعقل أصل تعلق النهي بها إلا بناء على جواز اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد ولو بعنوان واحد.