وأما مصلحة نفس الطبعية وهي الملاك الملزم فهي على حالها بحدها، و الثواب باعتبار مجموع المصلحتي فلذا ربما يزيد، وربما ينقص، وربما يبقى على حاله، وإن كان يدفع المحذور لكنه مع منافاته لظاهر العبارة يشبه الجزاف، ولا موجب له إلا ضيق الخناق، وعدم التمكن من دفع محذور الكراهة في العبادة كما أن الالتزام برجوع النهي إلى خصوصية الكون في الحمام مثلا فلا نهي عن الصلاة حقيقة بلا وجه بل ربما يكون نفس الكون في الحمام راجحا، وإنما لا يلائم الصلاة، وربما يبرهن على لزوم رجوعه النهي إلى الخصوصية بما محصله أن طبيعة الصلاة بما هي لا تعقل أن تؤثر في المصلحة والمفسدة بداهة أن الطبيعة لا تقتضي اقتضائين متبائنين، والاطلاق وإن كان في قبال التقييد إلا أنه لتسرية الحكم إلى جميع أفراد الطبيعة لا أنه دخيل في ترتب الأثر ليتوهم أن المطلق بما هو مطلق يغاير المقيد بما هو مقيد، وذات الطبيعة بما هي متحدة مع المقيد اتحاد اللا متعين، مع المتعين واللا بشرط المقسمي مع بشرط شئ.
وفيه أولا أن المحال اقتضاء الشئ أثرين متقابلين لا أثرين متبائنين غير متقابلين، وليس كل مصلحة مضادة لمفسدة.
وثانيا: أن اتحاد المطلق والمقيد في الوجود لا يمنع عن دخل القيد في ترتب شئ عليه كشرب السكنجبين الحامض مثلا في مكان بارد أو زمان بارد فإنه من حيث ذاته يؤثر في دفع الصفراء مثلا، ومن حيث تقيده بالوقوع في المكان البارد أو الوقت البارد يؤثر في الحمى مع أن شرب السكنجبين من حيث ذاته لا يؤثر في الحمى، ونفس الكون في المكان البارد أو الوقت البارد لا يؤثر في الحمى بل شرب الحامض مقيدا بهذا القيد الخاص يؤثر ذلك الأثر الخاص المجامع مع الأثر الاخر فافهم وتدبر. فالصحيح في تصور الكراهة هو أن طبيعة الصلاة على ما هي عليه من المصلحة بحدها لكنها لتشخصها بالمكان الخاص تحدث فيها حزازة لا تقاوم تلك المصلحة اللزومية، أو تلك المرتبة من المصلحة الغير اللزومية فهي واجبة أو مندوبة بالفعل، ومكروهة ملاكا لا فعلا متى يمنع عن التقرب بها، وقد