المفصل على ما حكى عنه حيث قال ما ملخصه.
" إن المركبات لو كان لها وضع لما كان لنا أن نتكلم بكلام لم نسبق إليه، إذا المركب الذي أحدثناه لم يسبق إليه أحد فكيف وضعه الواضع " فإنه ظاهر في أن محل النزاع هذا الأمر البديهي بطلانه، وإلا فلا يخفى عن مثل ابن مالك أن الوضع نوعي لا شخصي، وعليه فالنزاع لفظي نشأ من إسناد الوضع إلى المركبات فتوهم النافي أن الهيئة التركيبية المفيدة للخصوصية من أنحاء هيئات المفردات فلم يبق ما يتكلم فيه إلا ذلك الأمر الواضح فساده، وقد عرفت أن هيئات المركبات لا دخل لها بهيئات المفردات، وأن الحق حينئذ مع المثبت.
وأما: ما في المتن من استلزام الدلالة على المعنى تارة بنفسها، وأخرى بمفرداتها فغير ضائر حيث لا يلزم منه محذور اجتماع السببين على مسبب واحد لأن معاني المفردات ملحوظة بنحو الانفراد ومعنى المركب ملحوظ بنحو الجمع واللف كما في مفهوم الدار بالإضافة إلى مفاهيم السقف والجدران والبيت مثلا فلكل، دال مدلول على حياله، وتوهم لزوم لحاظ المعنيين في أن واحد لأن الجزء الأخير من الكلام علة لنفس حضور معناه ومتمم لعلة حضور معنى آخر للمركب، مدفوع بما تقرر في محله من إمكان اجتماع لحاظين للحوظين في أن واحد.
ثم إنه ربما أمكن الأشكال على جعل وضع المواد شخصيا ووضع الهيئات نوعيا كما هو المعروف بما محصله: أن شخصية الوضع في المواد إن كانت بلحاظ وحدتها الطبيعية وشخصيتها الذاتية فالهيئات أيضا كذلك فان هيئة فاعل مثلا ممتازة بنفسها عن سائر الهيئات فلها وحدة طبيعية ونوعية الوضع في الهيئات إن كانت بلحاظ عدم اختصاص زنة فاعل بمادة من المواد، فالمواد كذلك لعدم اختصاص المادة بهيئة من الهيئات فلا امتياز مادة عن مادة ملاك الشخصية لامتياز كل زنة عن زنة أخرى، ولا عدم اختصاص زنة بمادة ملاك النوعية لعدم اختصاص مادة بهيئة.