أفعال الأمر فهما أيضا باعتبار تعلق الإرادة بهما كسائر المرادات، وأما باعتبار نفسها كما هو محل الكلام فالاشكال فيهما على حاله، إذ لو توقف اتصاف البعث الحقيقي بعنوان حسن على وجود شئ خارجا فلا محالة لا يصير مصداقا لذلك العنوان إلا بعد تحقق مصحح، انتزاعه خارجا، ومثله الكلام في شرط الوضع فان الشئ إذا كان شرطا للانتزاع بما هو فعل النفس أو تصديق الفعل فلا محالة يكون شرطا بنحو وجوده النفساني المناسب لمشروطه وشرط الانتزاع بما هو انتزاع ليس من محل النزاع بل الكلام في شرطية شئ للمنتزع وهي الملكية مثلا، والإشكال فيه على حاله لعدم معقولية دخل أمر متأخر في ثبوت أمر متقدم والمفروض أن الإجازة بوجودها الخارجي شرط لحصول الملكية الحقيقية من حيث العقد فاتضح أن رجوع الأمر إلى المقارن ليس إلا في ما هو خارج عن محل النزاع كنفس الإرادة والانتزاع.
والتحقيق أنه يمكن دفع الأشكال عن الملكية وشبهها من الأمور الوضعية الشرعية أو العرفية بما تقدم منا في تحقيق حقيقة الوضع في أوائل التعليقة، ولا باس بالإعادة فلعلها لا تخلو عن الإفادة ولنحرر الكلام في الملكية فيعلم منها حال غيرها.
فنقول: ليست الملكية الشرعية والعرفية من المقولات الحقيقية وإن كان مفهوما من المفاهيم الإضافية وذلك لأن المقولات أجناس عالية للموجودات الإمكانية، وهي إما ذات مطابق في الأعيان، أو من حيثيات ما له مطابق فيها، و المقولة أنما يقال على شئ ويصدق عليه خارجا إذا كان مع قطع النظر عن ذهن ذاهن أو اعتبار معتبر أمر يصدق عليه حد المقولة، ومن الواضح أنه بعد الإيجاب والقبول لم يتحقق خارجا ما له صورة في الأعيان، ولا قام بالمالك و المملوك حيثية عينية بل هما عليه ما هما عليه من الجواهر والأعراض من غير تفاوت أصلا.
لا يقال: منشأ انتزاع الملكية هو العقد وقد حصل بعد ما لم يكن.