وقعت موقع الوجوب لا توقف لها وجودا مع قطع النظر عن جعل الشارع على الطهارة بل الشارع جعلها مقيدة بها بالأمر بالصلاة عن طهارة، والتقسيم بلحاظ مقدمة الواجب لا بلحاظ مقدمة وجود المصلحة الواقعية مع أن المصالح أيضا ربما تختلف بالاعتبار. وأما توقف الصلاة عن طهارة على الطهارة فهو من باب الضرورة اللاحقة لا الضرورة السابقة ومناط الوجوب الذاتي والامتناع الذاتي و الامكان الذاتي ملاحظة مقام الذات كما لا يخفى.
لا يقال: فلا وجه لجعل العادية مقدمة لأن استحالة الصعود بلا نصب السلم مثلا من باب استحالة وجود الشئ مع عدم علته حيث إنه لا يمكن الطيران لعدم الجناح، ولعدم القوة الخارقة للعادة.
لأنا نقول: فرق بين الامتناع بالغير والامتناع بالقياس إلى الغير، وما هو من قبيل الضرورة اللاحقة هو الأول، وما هو مناط الاستحالة العادية هو الثاني، بمعنى أن الصعود بلا نصب السلم بالقياس إلى من ليس له قوة عما له متصرفة محال من حيث إن عدم القوة يأبى ذلك لا من حيث إن المعلول ممتنع بعدم علته فتدبر فإنه حقيق به.
قوله: فهي أيضا راجعة إلى العقلية الخ: مقابلة العادية للعقلية مع اشتراكهما في الاستحالة الواقعية ملاحظة أن استحالة الكون على السطح بلا طي المسافة محال لاستحالة الطفرة برهانا، واستحالته بلا نصب السلم ليست لاستحالة الطيران برهانا بل لأن الجسم الثقيل بالطبع ليس له الطيران بل بقاسر من جناح أو قوة خارقة للعادة مع إمكان الطيران ذاتا فمنشأ الاستحالة في الأول أمر برهاني عقلي، وفي الثاني أمر طبعي عادي وإن كان بالقياس إلى عدم القوة أو مع وصف انعدامها فعلا محالا عقلا.
وبالجملة أصل طي المسافة مقدمة ونصب السلم كك إلا أن الأول مقدمة لاقتضاء حكم العقل، والثاني مقدمة لاقتضاء طبع الجسم بما هو دون قاسر، و بعبارة أخرى امتناع كون شئ بدون شئ، تارة امتناع ذاتي، وأخرى وقوعي