عرفت أن المحال قيام المتماثلين أو المتضادين بالموجود الخارجي مع أن وجود الفعل يسقط الطلب مضافا إلى أن موضوع الإرادة والكراهة وسائر الكيفيات النفسانية هي النفس فلا يعقل قيامها بشئ غير النفس وتعلقهما بوجود الطبيعة بنحو العنوانية لا مانع منه بعد عدم كونه في مرتبة تعلقهما به من الموجودات الخارجية، ولذا لا شبهة في تعلق الإرادات بوجود الطبيعة بما هي في أزمنة متفاوتة أو بالنسبة إلى أشخاص مختلفة فيعلم منه قبول وجود الطبيعة بما هي للمعروضية للإرادات والكراهات، وإن أريد أن الفعل في مرتبة تعلق الإرادة به في النفس لا يقبل لتعلق إرادة أخرى به بحده، بداهة أن تشخص الإرادة بالمراد كالعلم بالمعلوم فهو صحيح إلا أنه من باب لزوم ما لا يلزم لحصول الغرض بإرادة وجود الصلاة مرتين أو إرادته تارة، وكراهته أخرى من غير لزوم تعلق الإرادة به في مرتبة تعلق إرادة أخري به لوضوح أن الكلام في عدم تعلق وجوبين بالفعل الواحد بأي نحو من التعلق.
والتحقيق أن الامتناع ليس بملاك اجتماع المتماثلين والمتضادين كما هو المشهور عند الجمهور بل لأن الإرادة علة للحركة نحو المراد فان كان الغرض الداعي إلى الإرادة واحدا فانبعاث الإرادتين منه في قوة صدور المعلولين عن علة واحدة وهو محال، وإن كان الغرض متعددا لزم صدور الحركة عن علتين مستقلتين وهو محال.
لا يقال هذا في الإرادة التكوينية دون التشريعية.
لأنا نقول: لا فرق بينهما إلا بكون الأولى علة تامة للحركة نحو المقصود، و الثانية علة ناقصة ولازمها التأثير بانضمام إرادة المكلف فيلزم صدور الواحد عن الكثير أيضا، ومنه يتضح أن الإيجاب بمعنى البعث والتحريك أيضا كك فان البعث لجعل الداعي، ومن الواضح أن جعل ما يمكن أن يكون داعيا غير قابل للتعدد مع وحدة المدعو إليه، إذ لازمه الخروج من حد الامكان إلى الوجوب عند تمكين المكلف من الامتثال فيلزم صدور الواحد عن إرادتين وداعيين