الخبر. وهو ظاهر في أن الإرادة التشريعية حقيقيتها الأمر والنهى وأن حقيقة الإرادة والمشية هي الإرادة التكوينية.
ومما ذكرنا في المقدمة آنفا في الفرق بين الإرادة التكوينية والتشريعية تعرف أنه لا مجال لانقداح الإرادة التشريعية في النفس النبوية، ولا في النفس الولوية خصهما الله بألف تحية، وذلك لبداهة عدم فائدة عائدة من الفعل إليهما بل إلى فاعله، وعود فائدة من قبل إيصال النفع إلى النبي أو الولي لا يوجب كون الإرادة المعلقة بالبعث والزجر تشريعية لأنهما من أفعالهما الاختيارية المتوقفة على الإرادة فهي تكوينية لا تشريعية (فتحصل من هذا البيان القويم البنيان) أن حقيقة التكليف الجدي البعث إلى الفعل بداعي انبعاث المكلف أو الزجر عنه بداعي الانزجار، وهذا المعنى لا يتوقف على إرادة نفس الفعل مطلقا بل فيما إذا رجع فائدته إلى المزيد، ومن البين أن حقيقة التكليف الجدي بهذا المعنى موجود في حق المؤمن، والكافر، والمطيع، والعاصي إذ ليس المراد من كون البعث بداعي الانبعاث جعل البعث علة تامة للفعل، وإلا كان المكلف مجبورا لا مختارا بل جعله بحيث يمكن أن يكون داعيا وباعثا للمكلف فلو خلا عن ما يقتضيه شهوته وهواه كان ذلك التكليف باعثا فعلا فيخرج من حد الامكان إلى الوجود وسيجيئ إنشاء الله تعالى ما يتعلق بالمقام في مستقبل الكلام.
قوله: قلت إنما يخرج بذلك عن الإختيار لو لم يكن الخ: توضيحه أن إرادته تعالى لو كانت متعلقة بفعل العبد مطلقا إرادة أم لا لكان للجبري أن يستكشف عدم تأثير قدرة العبد وإرادته في فعله، إذا لمفروض أنه واجب الصدور أراده العبد أم لا، ففيما أراده العبد من باب الاتفاق يكونان معلولي علة واحدة وهي الإرادة الأزلية والمشية الإلهية، وأما إن كانت متعلقة بفعله بماله من المبادئ المصححة لاختيارية في حد ذاته من القدرة والإرادة والشعور علا طريق للجبري إلى عدم تأثير قدرة العبد وإرادته إذ المفروض أن نفى الاختيار بمجرد وجوب الصدور لمكان تعلق الإرادة الأزلية به، وبعد ما علم أن الإرادة لم يتعلق