نعم إذا كان بمقدار لا يصح السكوت عليه لا يقبل التصديق لا أن ما يصح السكوت عليه يتقوم بالتصديق، ومنه تعلم أنه لا حاجة إلى التجزم الذي هو بظاهره غير معقول إلا بالحمل على البناء على وقوع النسبة وهو فعل قلبي من الكلام فيه وفى أمثاله، فتحقق من جميع ما ذكرنا أنا لا نساعد الأصحاب والمعتزلة في عدم شئ آخر وراء العلم والإرادة ونحوهما بل نقول إن ما اقتضاه البرهان والفحص انحصار الكيفيات النفسية التي هي من مقولة الماهية في ما ذكر لا انحصار موجودات عالم النفس فيه كمالا نساعد الأشاعرة في كون مثل هذا الأمر المغاير للعلم والإرادة مدلولا للكلام اللفظي لاستحالة حصول الوجود الحقيقي في المدارك الادراكية فتدبره فإنه في كمال الغموض والدقة وإن أوضحناه على حسب الوسع والطاقة.
قوله: وأما الصيغ الانشائية فهي على ما حققناه في بعض فوائدنا موحدة لمعانيها في نفس الأمر الخ: بل التحقيق أن وجودها وجود معانيها في نفس الأمر بيانه أن المراد من ثبوت المعنى باللفظ إما أن يراد ثبوته بعين ثبوت اللفظ بحيث ينسب الثبوت إلى اللفظ بالذات وإلى المعنى بالعرض، وإما أن يراد ثبوته منفصلا عن اللفظ بآلية اللفظ بحيث ينسب الثبوت إلى كل منهما بالذات، لا مجال للثاني إذ الوجود المنسوب للماهيات بالذات لابد من أن يكون في أحد الموطنين من الذهن والعين، ووجود المعنى بالذات في الخارج يتوقف على حصول مطابقه في الخارج، أو مطابق ما ينتزع عنه، والواقع خلافه إذ لا يوجد باللفظ موجدا آخر يكون مطابقا للمعنى أو مطابقا لمنشأ انتزاعه، ونسبة الوجود بالذات إلى نفس المعنى مع عدم وجود مطابقة أو مطابق منشائه غير معقول ووجوده في الذهن بتصوره لا بعلية اللفظ لوجوده الذهني والانتقال من سماع الألفاظ إلى المعاني لمكان الملازمة الجعلية بين اللفظ والمعنى مع أن ذلك ثابت في كل لفظ ومعنى ولا يختص بالانشائي فالمعقول من وجود المعنى باللفظ هو الوجه الأول، وهو أن ينسب وجود واحد إلى اللفظ والمعنى بالذات