أهل المعقول.
فان قلت: فكيف ينتزع مفاهيم متعددة عن مصداق واحد بلا جهة كثرة مع أنه كانتزاع مفهوم واحد عن المتعدد بلا جهة وحدة في الاستحالة بل ادعى أنه من الفطريات، ولا يعقل تكثر الجهات والحيثيات في ذاته الأحدية جلت ذاته فان واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات فكما أنه تعالى صرف الوجود كذلك صرف العلم وصرف القدرة وهكذا، ولذا قال أساطين الحكمة: وجود كله وجوب كله، علم كله، قدرة كله لا أن منه ما هو علم، ومنه ما هو قدرة.
قلت: المفاهيم وإن كانت مثار الكثرة والمغايرة إلا أنها قسمان: منها ما هي متبائنة لا يعقل أن يكون مطابقها واحد كالعلة والمعلول مثلا، ومنها ما لا يأبى أن يكون مطابقها واحدا بالوجود كالعلم والقدرة فان مفهومهما لا يقتضيان تغاير ما تصدقان عليه بل المغايرة إنما تثبت من الخارج ففيما كان ذات الشئ بذاته مطابقا ومصداقا للعلم والقدرة لا في مرتبة متأخرة عن ذاته، فلا محالة تكون موجودة بوجود واحد بلا جهة وحيثية زائدة على حيثية الذات، وفيما إذا كان الذات مصداقا لها في المرتبة المتأخرة من ذاتها فلا محالة تكون مطابق المبدء الذي هو من المفاهيم الثبوتية موجودا آخر غير الذات، وأما تصور مطابقة بذات