وبالجملة النازل على ولى الأمر في ليلة القدر دفتر قضاء الله التكويني والتشريعي وأوضح من ذلك قوله تعالى * (قل الروح من أمر ربى (1)) * وقوله تعالى * ( الخلق والأمر (2)) * فان المراد من الأمر معناه المعروف لأن عالم الأمر هو العالم الموجود بلا مادة ولا مدة بل بمجرد توجه الإرادة التكوينية المعبر عنها بكلمة [كن] مع أنه لا يستقيم إرادة الشئ في مثل أمر فلان مستقيم.
نعم لو كان الشئ منحصرا مفهوما في المعنى المصدري لشاء يشاء، وكان إطلاقه على الأعيان الخارجية باعتبار أنها مشيئات وجوداتها فالمصدر مبنى للمفعول لما كان إشكال في مساوقته مفهوما لمفهوم الأمر كما ربما يراه أهل المعقول لكن الشئ بهذا المعنى لم يكن في قبال الطلب حينئذ وأما جعل الأمر بمعنى الفعل حتى يستقيم في جميع موارد إطلاقه الذي لا يتعين فيه إرادة الطلب حتى في مثل أمر فلان مستقيم.
فتوضيح الحال: فيه أن الموضوع له إما مفهوم الفعل أي ما هو بالحمل الأولى فعل، أو مصداقه وما هو بالحمل الشايع فعل، لا شبهة في عدم الوضع بإزاء مفهومه، وإلا لزم مرادفته واشتقاقه بهذا المعنى حتى يكون معنى أمر يأمر وفعل يفعل سواء، والوضع بإزاء مصاديقه من الأكل والشرب والقيام والقعود وغيرها بلا جهة جامعة تكون هي الموضوع لها حقيقة، سخيف جدا. والجهة الجامعة بين مصاديق الفعل بما هو فعل ليس إلا حيثية الفعلية فان المعاني القابل لورود النسب عليها تارة من قبيل الصفات القائمة بشئ وأخرى من قبيل الأفعال قابلا لتعلق الإرادة به دون ما كان من قبيل الصفات كالسواد والبياض في الأجسام وكالملكات والأحوال في النفوس، فيرجع الأمر في الأمر بالآخرة إلى معنى واحد وأن إطلاقها على خصوص الافعال في قبال الصفات والأعيان باعتبار مورديتها لتعلق الإرادة بها بخلاف الأعيان والصفات فإنها لا تكون معرضا