لذلك فالأمر يطلق بمعناه المصدري المبنى للمفعول على الأفعال كاطلاق المطلب والمطالب على الأفعال الواقعة في معرض الطلب كما يقال " رأيت اليوم مطلبا عجيبا " ويراد منه فعل عجيب كذلك في " رأيت اليوم أمرا عجيبا " والغرض أن نفس موردية الفعل ومعرضيته لتعلق الطلب والإرادة به يصحح إطلاق المطلب والمقصد والأمر، وإن لم يكن هناك قصد ولا طلب متعلق به وأما إشكال اختلاف الجمع حيث أن الأمر بمعنى الطلب المخصوص يجمع على الأوامر، وبمعنى آخر على الأمور.
فيمكن دفعه بأن الأمر حيث يطلق على الأفعال لا يلاحظ فيه تعلق الطلب تكوينا أو تشريعا فعلا بل من حيث قبول المحل له فكان المستعمل فيه متمحض في معناه الأصلي الطبيعي الجامد، والأصل فيه حينئذ أن يجمع الأمر على أمور كما هو الغالب فيما هو على هذه الزنة، وحيث أنه ليس في البحث والفحص عن تحقيق حال الأمر من هذه الجهة كثير فائدة فالأولى الاقتصار على هذا المقدار.
قوله وأما بحسب الاصطلاح فقد الخ: الظاهر كما هو صريح جماعة من المصنفين أن هذا المعنى من المعاني اللغوية والعرفية ودون الاصطلاحية بمعنى أن من أثبته جعله منها، ولو كان الكلام في مجرد ثبوت الاصطلاح لكفى فيه نقل بعض مهرة الفن في ثبوته، ولم تكن حاجة إلى نقل الاجماع على أنه حقيقة فيه.
ونعم الظاهر أن ما هو أحد المعاني اللغوية إما الطلب المخصوص والطلب القولي لا أن كليهما من معانيه وإن كان ذلك ظاهر بعضهم بل صريح.
قوله ولا يخفى انه عليه لا يمكن الاشتقاق منه فان معناه حينئذ لا يكون معنى حديثا الخ: فيكون كما في الفصول وغيره نظير الفعل والأسم والحرف في الدلالة على ألفاظ خاصة لها معان مخصوصة.
والتحقيق أن الاشتقاق المعنوي كما أشرنا إليه في أوائل مبحث المشتق عبارة عن قبول المبدء للنسبة وذلك لا يكون عقلا إلا في ماله نحو من أنحاء القيام بشئ قيام العرض بموضوعه أو غير ذلك، والفرق بين المعنى الجامد والمعنى