نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ١ - الصفحة ١٦٨
لتمام ذات الموضوع عينا كما في صدق الأسود على السواد وصدق الموجود على الوجود، إذ لو اتصف الجسم بواسطة أمر خارج عن ذاته بالأسود فالسواد أولى بأن يصدق عليه الأسود لأن وجود أن الشئ لنفسه ضروري، وكذلك في الوجود والموجود، ومن هذا الباب صدق الصفات الكمالية والنعوت الجلالية والجمالية على ذاته الأقدس تعالى وتقدس فان مباديها عين ذاته المقدسة، وهذا نحو من القيام بل هو أعلى مراتب القيام وإن لم يصدق عليه القسام في العرف العام، ولا بأس به لعدم انحصار مناط الصدق في ما هو قيام في العرف العام، وتفاوت الموارد في وجه الصدق لا يوجب تفاوتا في المفهوم كي يقال إن العرف لا يراعى مثل هذه الأمور الدقيقة، فان العرف مرجع تشخيص المفاهيم والمفروض عدم اختلافها باختلاف وجه تطبيقها على مصاديقها، مثلا العالم من ينكشف لديه الشئ وما به الانكشاف، تارة عرض كما في علمنا بالأمور الخارجة عن ذاتنا، وأخرى جوهر نفساني كما في علمنا بذاتنا فان مرجعه إلى حضور ذاتنا لذاتنا وعدم غيبة ذاتنا عن ذاتنا، وثالثة جوهر عقلي كما في علم العقل، ورابعة وجود واجبي لا جوهر ولا عرض كما في علمه تعالى وحقيقة العلم في جميع الموارد بنحو من الحضور، وإن كان ما به الحضور في كل مورد غير ما به الحضور في مورد أخر، فدعوى النقل أو التجوز في العالم وأشباهه من الأسماء الحسنى والصفات العليا الجارية عليه تعالى تارة من جهة عدم المغايرة بين المبدء وذيه، وأخرى من جهة عدم قيام مباديها بذاته المقدسة لعينيتها له تعالى كما عن صاحب الفصول وصدقها عليه تعالى بمعنى أخر، دعوى بلا شاهد وإحالة إلى المجهول بل كما قبل ونعم ما قبل يؤدى إلى الاتحاد والتعطيل كما أشير إليه في المتن (1) وأوهن منه دعوى مرادفة الصفات كما نسب إلى بعض

1 - لا يخفى عليك أن ما افاده في المتن من لزوم الاتحاد أو التعطيل بناء على عدم الصدق عليه تعالى بماله من المفهوم العام إنما يرد على صاحب الفصول إذا التزم بالنقل أو التجوز من حيث مفهوم المادة كما هو المبحوث عنه في مسألة اشتراك الوجود معنى أو لفظا وأما إذا أراد النقل والتجوز من حيث مدلول هيئة المشتق بما هو مشتق فلا يرد محذور الاتحاد والتعطيل ومن الواضح أن محل الكلام هنا هو الثاني فمراده قده أن العالم في غيره تعالى بمعنى من تقوم به العلم وفيه تعالى من يكون عينه العلم مع انحفاظ مفهوم واحد من حيث المادة ولابد من ذلك وإلا لورد عليه المحذور الذي يفر منه صاحب الفصول فان ذلك المفهوم المجهول إن كان مبدئه عين الذات عاد محذور عدم القيام المنافى لصدق المشتق وإن كان غير الذات وقائما بها لزم القول بعدم عينية العلم لذاته المقدسة فتدبر فإنه حقيق به (منه) (خ).
(١٦٨)
مفاتيح البحث: التصديق (2)، الصدق (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست