بعد نقل ذلك عن هؤلاء المذكورين: وهو المعتمد تمسكا بمقتضى الأصل السالم عما يصلح للمعارضة، فإن الأخبار الواردة في هذا الباب قليلة جدا وليس فيها ما يدل على وجوب القسم ابتداء بخصوصه أو اطلاقه كما يظهر للمتتبع، وكذا الكلام في التأسي، فإنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وآله قسم بين نسائه ابتداء على وجه الوجوب ليجب التأسي به في ذلك، على أن المشهور بين الخاصة والعامة أن القسم لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وآله، إنتهى.
أقول: والحق، أنه لا دليل في الأخبار على شئ من القولين، إلا أن ما ذهب إليه الشيخ ومن تبعه مؤيد بالأصل كما ذكره السيد السند، فلا يبعد ترجيحه لذلك، وأدلة القول الشمهور كلها مدخولة كما بسط عليه الكلام في المسالك.
الثالث: ينبغي أن يعلم أن مما يتفرع على الخلاف المتقدم كما صرح به الأصحاب أيضا أنه لو لم يكن له إلا زوجة واحدة فعلى المشهور من وجوب القسم ابتداء، فإن لها ليلة من أربع ليال يبيت فيها عندها، وثلاث له يضعها حيث يشاء لأن الله تعالى أباح له أن ينكح أربع نساء لا أزيد، فللواحدة من الأربع ليلة، فإذا انقضت الأربع؟ وجب أن يبت عندها ليلة، ثم له ثلاث يضعها حيث يشاء وهكذا ومن كان له زوجتان فلكل واحدة ليلة من الأربع، واثنتان من الدور له يضعها حيث يشاء، ومن كان له ثلاث زوجات يبقى له من الدور ليلة يضعها حيث يشاء، ومن كان له أربع فقد كل الدور لهن فليس له شئ زائد، ولم يكن له الاخلال بالمبيت عند صاحبة الليلة أبدا مع الاختيار، وعمد الإذن، وكل ما فرغ الدور استأنف الدور على الترتيب الذي فعل في الدور الأول وله أن يخص بعض الزوجات بالليلة التي له، إلا أن الفضل المساواة بينهن.
وأما على القول الآخر من عدم الوجوب إلا إذا ابتداه، فلو لم يكن عنده إلا زوجة واحدة لم يجب القسم لها مطلقا، بل له أن يبيت عندها متى شاء، ويعتزلها متى شاء، ومن كانت عنده زوجتان فإنه لا يجب عليه القسم لها ابتداء