تحقيقه، وعلى تقدير الثاني يكون المضمون مثل المهر إن كان مثليا، وقيمته إن كان قيميا.
وجه الأول على ما ذكروه إنا لصداق مملوك بعقد معاوضة، فكان كالمبيع في البيع، ويظهر كونه معاوضة من قوله عز وجل (آتوهن أجورهن) (1) وقولهم (زوجتك بكذا) كما يقال (بعتك بكذا) ولأنها تتمكن من رده بالعيب كما في المبيع، وتحبس نفسها لتستوفيه بمعنى أنها تمنع عن الدخول بها حتى تقبضه كما سيأتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى والحكمان الأخيران من أحكام المعاوضة.
ووجه الثاني إنه ليس عوضا حقيقيا لجواز العقد وصحته بدونه وأن يكون عاريا منه وعدم انفساخ النكاح بتلفه، ولا ينفسخ برده، ولا يفسد بفساده، ولا يتزلزل بتزلزله، ولا شئ من الأعواض الحقيقية كذلك، ويؤيده أيضا إطلاق اسم النحلة عليه في قوله سبحانه (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) (2) ومن أجل ما ذكرناه في هذين الوجهين حصل الاشتباه في الضمان على أحد الأمرين المذكورين، إلا أن المشهور في كلام الأصحاب هو الثاني كما صرح به في المسالك، وإليه يشير كلام المحقق في الشرايع بقوله (والمهر مضمون على الزوج، فلو تلف قبل تسليمه كان ضامنا له بقيمة وقت تلفه على قول المشهور لنا) قال الشارح: ونبه بنسبته إلى القول على عدم تعينه واحتمال القول الآخر.
أقول: لا يبعد أن مراده بالنسبة إلى قول المشهور إنما هو الإشارة إلى عدم دليل من النصوص على الحكم المذكور، وليس إلا مجرد المشهرة كما هو الغالب في عباراته وعبارات غيره.
وبالجملة فإن المسألة كما عرفت عارية عن النص، وليس إلا هذان الوجهان الاعتباريان المتضادان، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر إلا بالشهرة المدعاة