لو كان عنده ثمان نسوة فاختار أربعا للفسخ فإنه يلزم نكاح الأربع الباقيات، وإن لم يتلفظ في حقهن بشئ، فإن الشارع قد جعل له الخيار في أن يفسخ عقد من شاء، فإذا اختار فسخ نكاح أربع ثبت عقد البواقي بدون لفظ يدل على الاختيار، بل لا مجال للاختيار هنا بعد خروج أولئك بالفسخ.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك عد لفظ (اخترتك) و (أمسكتك) في هذا القسم لما قلناه من عدم التصريح بإرادة الامساك للناكح والاختيار له.
وأما (لثالث) وهو الاختيار بالفعل فمثل أن يطأ، فإن ظاهر ذلك أنه لا يطأ إلا من يختار نكاحها لدلالته على الرغبة فيها، عملا بحمل أفعال المسلم على الصحة وصيانته عن الزنا، ولهذا عد ذلك رجوعا في الطلاق، وفسخا على تقدير الخيار للبايع، وعلى هذا لو وطأ أربعا ثبت عقدهن، واندفع البواقي. ويظهر من جماعة من الأصحاب عدم الخلاف في ذلك عندنا.
أقول الأظهر أن يقال: إنه إن اقترن ذلك بالقصد إلى الاختيار فما ذكروه في محله، وإلا فهو محل إشكال، لأن الاختيار الذي به يتحقق بقاء نكاح من يختار هن إنما هو عبارة عن القصد واللفظ، والفعل إنما جعل موجبا لذلك، لأنه دال عليه ومنبئ عنه، وحينئذ فإطلاق القول يكون مجرد الوطئ اختيارا بالفعل كما ذكروه لا يخلو من إشكال.
ثم إنهم قالوا: لو لمس أو قبل بشهوة فإنه يمكن أن يكون اختبارا، بتقريب ما ذكر في الوطئ من حيث الدلالة على الرغبة، وصيانة حال المسلم، فإنه قائم في الموضعين، وحينئذ فيدلان على الاختيار، كما أنهما يدلان على الجرعة لا بطريق القياس عليها بل المراد تشبيه الاختيار بالرجعة لتقاربها في المعنى، ويمكن أن لا يكون ذلك اختيارا من حيث إنهما أضعف دلالة من الوطئ، والاحتمال فيهما يتطرق من حيث إنهما قد يوجدان في الأجنبية.
أقول: والأظهر أن يقال هنا ما قدمناه أيضا من أنه إن اقترن ذلك بالقصد