انما الحكم بالقتل بتزكيتهما من يعلمان فسقه أو كفره أو يمكنهما العلم ففرطا وتردد في التحرير من ذلك ومن كون التزكية شرطا لا سببا بل السبب هو الحكم ولا قصاص على أحد إذ لم يظهر القتل عدوانا لاحتمال حقية المشهود به وكذا لو رجعوا عن التزكية سواء قالوا تعمدنا أو قالوا أخطأنا فإنهم انما تعمد والكذب في التزكية وهو ليس من الكذب في الشهادة على الزنا في شئ مع ما يجب من الاحتياط في الدماء واستشكل في التحرير في عدم القصاص من ذلك ومن انه كالكذب في الشهادة لان التزكية بمنزلة الشهادة بما يشهد به الشهود وفي انه هل يضمنان تمام الدية لجريانهما مجري الشاهدين أم نصفها لجريانهما مجري واحد ولو ظهر فسق المزكيين فالضمان على الحاكم في بيت المال كظهور فسق الشهود لأنه فرط بقبول شهادة فاسق هذا ان لم يفرط في البحث عن عدالة الشاهدين أو المزكين إما مع التفريط فالضمان عليه في ماله وكذا يضمن الحاكم أثر الضرب في ماله أو بيت المال لو جلد بشهادة من ظهر فسقه أو كفره وإذا رجع الشاهد أو المزكي اختص الضمان بالراجع دون الأخر إذ لا يؤخذ أحد باقرار الأخر هذا على القول بضمان المزكي ولو رجعا معا ضمنا لان الشهادة والتزكية معا سبب للحكم وكل منهما جزء لسببه لان السبب هو الشهادة والتزكية شرط أو سبب بعد لتساويهما في التوقف عليهما والحكم سبب القتل فهما سببان بعيدان في مرتبة واحدة وقد اعترفا بالتزوير ويحتمل اختصاص الشاهد بالضمان بناء على أن سبب الحكم هو البينة بشرط التزكية وعلى المختار فان رجع الولي على الشاهد كان له قتله ان تعمد التزوير لاعترافه بتسبيبه القتل عدوانا ولو طالب الزكي لم يكن عليه قصاص بل الدية لأنه لم يعترف بكون القتل عدوانا وهو لا يؤخذ باقرار الشاهد فربما استحق المقتول عنده القتل وربما زكي الشاهد وهو غافل عما شهد به أو عن موجب الشهادة فغايته الخطا كخطأ الحاكم أو كخطأ من رمى صيدا فأصاب انسانا وحينئذ كان للمولي مطالبتهما فليس للولي مطالبتهما فليس للولي جمعهما في الطلب والا اجتمع له القصاص والدية وليس له توزيعهما عليهما حتى أن اقتص من الشاهد أعطاه نصف الدية وأخذه من المزكي لأنهما وان تساويا في السببية الحكم لكن تباينا في المشهود به فكل منهما مستقل في جنايته ولو شهد أربعة بالزنا واثنان بالاحصان فرجم ثم رجعا دون شهود الزنا لم يغرم شهود الزنا شيئا ولم يقتص منهم ويقتص من شهود الاحصان إذا تعمدوا ويؤخذ منهم الدية ان أخطأوا أو صولح معهم وفي قدر غرمهم على كل تقدير نظر سيذكر وبالجملة لا يغرمون الجميع بل إن أعطوا الدية فبعضها وان اقتص منهم يرجع إليهما من الدية بقدر نصيب شهود الزنا من الغرم ولو رجع شهود الزنا خاصة لم يجب على شهود الاحصان شئ بل يختصون بالضمان وفي قدره أيضا نظر فلو اقتص منهم يرجع إليهم من الدية بقدر نصيب شهود الاحصان ولو رجع الجميع ضمنوا لاشتراكهم في تسبيب القتل قال في التحرير ويحتمل سقوط الضمان عن شهود الاحصان لأنهم شهدوا بالشرط دون السبب والسبب للقتل انما هو الزنا فيضمن شهوده خاصة وعلى ضمان الجميع في كيفية الضمان اشكال لاحتمال أن يضمن شاهد الاحصان النصف وشهود الزنا النصف لاستناد القتل إلى سببين هما الزنا والاحصان فعلي كل سبب نصف أو يوزع الدية عليهم بالسوية لاستناد القتل إلى شهادتهم وهم ستة فيوزع على عدد رؤوسهم فعلى شهود الزنا ثلثاها وعلى شاهدي الاحصان الثلث ولو شهد أربعة بالزنا واثنان منهم بالاحصان فعلي الأول على شاهدي الاحصان ثلاثة أرباع نصف الشهادة بالاحصان وربع لأنهما نصف شهود الزنا وعلى الآخرين الربع لأنهما نصف شهود الزنا وعلى الثاني على شاهدي الاحصان الثلثان الثلث للشهادة بالزنا والثلث للشهادة بالاحصان وعلى الآخرين الثلث ويحتمل تساويهم في الغرم على كل تقدير فيضمنان الا النصف والاخر ان النصف لان شاهدي الاحصان وان تعددت جناياتهم فإنهم يساوون من اتحدت جنايتهم لان الدية يقسط على عدد الرؤس لا الجناية كما لو جرحه أحدهما مأة والاخر واحدا ثم مات من الجميع ولو رجع شهود الاحصان بعد موت الصحيح بالجلد فلا ضمان على أحد وهو ظاهر بخلاف ما إذا جلد مريضا فان شهادة الاحصان أوجبت الجلد مريضا فعليهما الضمان المطلب الثاني البضع لو شهدا بالطلاق ثم رجعا قبل الحكم بطلت الشهادة اتفاقا الامن أبي ثور فأوجب الحكم بها هنا وفي غيره وان رجعا بعده فإن كان بعد الدخول لم يضمنا شيئا وفاقا للمشهور لأصل البراءة واستحقاقها المهر بالدخول ولا قيمة للبضع ليضمناه بالتفويت والا لم ينفذ طلاق المريض الا من الثلث ولم ينفذ أصلا إذا أحاط الدين بالتركة لا وإن كان قبله ضمنا النصف من المسمى للزوج لأنه وإن كان مستحقا لها بالعقد لكن قد كان في معرض السقوط بارتدادها مثلا وفسخها لعيب فيه أو ابرائها ولو رجع أحدهما خاصة قبل الدخول ولزمه الربع ويحتمل ايجاب مهر المثل ان رجعا لأنهما قوتا عليه بضعا فضمناه بمهر المثل لأنه القيمة اللازمة لمن استوفاه ويشكل بعدم ضمان البضع على المفوت كما قتلها لم يلزمه الا دية نفسها أو قتلت هي نفسها لم يلزمها في مالها للزوج قيمة البضع أو حرمت نكاحها على زوجها برضاع فعلم أنه لا قيمة للبضع ولزوم مهر المثل لسمتوفيه لا يوجب أن يكون ذلك قيمته وفيه أن المنفعة لا يضمن الا إذا فوتت وحدها إما مع تفويت العين فيدخل فيه المنافع واما إذا حرمت النكاح بالرضاع فعدم الضمان ممنوع فان أوجبنا هنا مهر المثل فكذا بعد الدخول وفي (ط) وإذا شهدا بالطلاق قبل الدخول ثم رجعا فان الحكم لا ينقض وعليهما الضمان عند قوم ولم يضمنا قال قوم كمال المهر مهر المثل وقال الآخرون نصف المهر وهو الأقوى ومن قال بهذا منهم من قال نصف مهر المثل ومنهم من قال نصف المسمى وهو الأقوى عندنا ومنهم من قال إن كان المهر مقبوضا لزمهما كمال المهر وان لم يكن مقبوضا لزمها نصف المهر والفضل بينهما إذا كان مقبوضا غرمه كله لا يسترد منه شيئا لأنه معترف لها به لبقاء الزوجية بينهما فلما حيل بينهما رجع بكله عليهما وليس كذلك إذا كان قبل القبض لأنه لا يلزمه الا اقباض نصفه فلهذا رجع بالنصف عليهما وهو أقوى انتهي وفي (يه) ان شهد رجلان على رجل بطلاق امرأة فاعتدت وتزوجت ودخلا بها ثم رجعا وجبت عليهما الحد وضمنا المهر للزوج الثاني ويرجع المهر المرأة إلى الأولى بعد الاستبراء بعدة من الثاني انتهي وهو موافق لصحيح محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في رجلين شهدا على رجل غايب عن امرأته انه طلقها فاعتدت المرأة وتزوجت ثم إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها واكذب نفسه أحد الشاهدين فقال لا سبيل للأخير عليها ويؤخذ الصداق من الذي شهد ورجع فيرد إلى الأخير ويفرق بينهما وتعتد من الأخير وما يقربها الأول حتى ينقضي عدتها ونحوه خبر إبراهيم بن حميد عن الصادق عليه السلام وهو وإن كان ثقة لكنه واقفي وليس فيه ذكر لرجوع الشاهد وفيه حد الشاهدين ولعل المراد به التعزير وفي (المخ) ولا بأس بحمل قوله حينئذ في (يه) بالرد إلى الأول بعد العدة على انها تزوجت بمجرد الشهادة من غير حكم حاكم بذلك قلت ويمكن حمل الخبرين على أن الزوج كان غائبا كما نص عليه فيهما فلما حضر وانكر وأظهر فسق الشاهد أو ما يخرجه عن الأهلية (بذلك صح) وفي التحرير وعندي في هذه المسألة اشكال ينشأ من كون الرجوع انما يثبت على الشاهد فيما يتلفه
(٣٨٨)