عليه حية قاتلا فنهشته فهلك أو جمع بينه وبينها في مضيق لا يمكنه الفرار منها لأنه يقتل غالبا خلافا للعامة قالوا لأنها يهرب من الانسان في المضيق بخلاف السبع وهو ظاهر المبسوط وقد أشار في التحرير إلى احتماله لقوله فالأشبه ذلك يعني القود ولو كتفه وألقاه في أرض غير معهودة بسباع فاتفق افتراسه ضمن الدية للتسبيب ولا قصاص وهو ظاهر ولو أغرى به كلبا عقورا فقتله فهو عمد لأنه كالآلة وكذا لو ألقاه إلى أسد ضاري ولا يتمكن من الفرار عنه فقتله سواء كان في مضيق أو برية ومن العامة من فرق بين البرية والمضيق ولعله أراد التمكن من الفرار وعدمه ولو كان الأسد لا يفترس غالبا كان الالقاء إليه من الأسباب النادرة ولو جهل حاله أمكن كونه كالضاري لان من طبعه الافتراس ولو ألقاه إلى البحر حيث يغرق غالبا فالتقمه الحوت قبل وصوله فعليه القود كما في الخلاف ومبسوط والنافع لأنه أهله بالالقاء فإنه لو لم يأخذه الحوت يهلك بالغرق فكأنه ابتلعه بعد الغرق فهو كنصل منصوب في عمق البئر على اشكال ينشأ من تلفه بسبب غير مقصود للملقي كما لو رمى به من شاهق فاستقبله غيره بالسيف فقده وهو خيرة الشرايع نعم يضمن الدية إما لو وصل فالتقمه بعد وصوله فإنه عمد لوصوله قبله إلى المهلك وكذا لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه لأنه كالالقاء إلى السبع ولو ألقاه في ماء قليل لا يغرق فاكله سبع لوقوعه فيه أو التقمه حوت أو تمساح فعليه الدية للتسبيب لا القود لعدم قصده ما يقتله ولو جرحه ثم عضه الأسد وسرتا فعليه القصاص خلافا لبعض العامة ولكن بعد رد نصف الدية عليه لاستناد موته إلى سببين انما فعل أحدهما وقد احتمل العدم لان الجرح الأخر غير مضمون وان عفا الولي على الدية فإنما عليه نصفها وكذا لو شاركه في القتل من لا يقتص منه كالأب لو شارك أجنبيا في قتل ولده وكالحر لو شارك عبدا في قتل عبد فان القصاص يجب على الأجنبي والعبد خلافا لأبي حنيفة ودون الأب والحر لكن يؤخذ منهما نصف الدية أو نصف القيمة ويدفع إلى المقتص منه ولو عفى الولي على الدية أخذ من كل نصفها وكالعامد إذا شارك المخطئ فيدفع عاقلة المخطئ نصف الدية إلى العامد ويقتص منه خلافا لابن سعيد ولو جرحه ونهشته حية فمات منهما فعليه نصف الدية مع العفو أو يقتص منه؟ بعدر؟ والنصف كما تقدم ولو جرحه مع ذلك سبع فحصل الموت من الجميع فعليه الثلث من الدية وان اقتص منه رد عليه الثلثان لاستناد الموت إلى أسباب ثلاثة ويحتمل أن يكون عليه النصف ولا ينظر إلى عدد الحيوان فضلا عن عدد جراحات حيوان واحد لاشتراك الكل في عدم الضمان فتعد غير المضمون من الجراحات وان تكثرت واحدة (المطلب الثالث) أن يشاركه المجني عليه إذا جرحه فداوي جرحه بما فيه سم فإن كان مجهزا يقتل في الحال فلا قود على الجاني بل عليه قصاص الجرح خاصة إن كان فيه القصاص والقاتل هو المجروح نفسه فإنه كما إذا جرح ثم ذبح نفسه وان لم يكن مجهزا والغالب معه السلامة أو التلف فاتفق الموت سقط ما قابل فعل المجروح ووجب على الجارح ما قابل فعله فيكون الجناية بينهما بالسواء يقتص من الجاني بعد رد نصف الدية عليه أو يعفى عنه على نصف الدية وللعامة قول بنفي القصاص مطلقا لان أحدي الجنايتين غير مضمومة وأخرى بنفي القصاص إذا كان الغالب مع السم السلامة لحصول الموت من عمد وخطا شبيه به وكذا لو خاط نفسه أو غيره بأمره جرحه في لحم حي فمات منهما فإن فإن كانت خياطة مجهزة فلا قود والا سقط بإزائها النصف وللعامة ما عرفت من الخلاف واما الخياطة في لحم ميت فلا سراية لها ولو قدم إليه طعاما مسموما فان علم بالسم وكان مميزا ولم يكرهه فلا قود ولا دية فإنما هو كمن بيده سكين فأخذه غيره فذبح نفسه وان لم يعلم بالسم فاكل فمات فللولي القود لان المباشرة هنا ضعف بالغرور سواء خلطه بطعام نفسه وقدمه إليه وأهداه إليه أو خلطه بطعام الاكل ولم يعلم أو بطعام أجنبي وقدمه إليه من غير شعور أحد من الاكل والأجنبي ولو علم الأجنبي وشارك في التقديم كان شريكا في الجناية وللشافعي قول بنفي القود ترجيحا للمباشرة ولو قصد بالتقديم قتل غير الاكل بأن قدم إليه بظن انه الغير لكونه (في ظلمة) أو من وراء حجاب أو نحو ذلك ضمن دية الاكل لأنه خطأ ولو جعل السم في طعام صاحب المنزل فوجده صاحبه لما دخل منزله فاكله من غير شعور فمات قيل في الخلاف والمبسوط عليه القود لضعف المباشرة بالغرور ويحتمل الدية لعدم الجائه إلى الاكل ولا تقديمه إليه واما الدية فللتسبيب والغرور وللعامة قول باشفاء الضمان رأسا ولو جعل السم في طعام نفسه وجعله في منزله فدخل انسان فاكله فلا ضمان بقصاص ولا دية لان الاكل هو المتعدي بدخول دار غيره والاكل من طعامه بدون اذنه كما لو دخل دارا فسقط في بئر فيها سواء قصد بفعله قتل الاكل أو لا مثل أن يعلم أن ظالما يريد هجوم داره فترك السم في الطعام ليقتله فإنه لم يغر الاكل إذا لم يقدمه إليه وكذا لو دخل رجل باذنه فأكل الطعام المسموم بغير اذنه لم يضمنه لأنه المتعدي حيث اكل بدون اذنه وإن كان ممن يجوز الاكل من بيوتهم وكذا لا ضمان إذا سم طعاما ووضعه في منزل الاكل ولم يخلطه بطعامه ولا جعله حيث يشبه عليه بل اكله وهو يعلم أنه ليس له ولو جعله بحيث يشتبه عليه كان عليه الدية ولو كان السم مما لا يقتل غالبا فهو شبيه عمد الا ان بقصد به القتل ولو اختلف هو والولي في جنسه أو قدره فالقول قوله وعلى الولي البينة فان قامت وثبت انه مما يقتل غالبا فادعي الجهل بأنه كذلك قال في التحرير احتمل القود لان السم من جنس ما يقتل غالبا فأشبه ما لو جرحه وقال لم اعلم أنه يموت منه وعدمه لجواز خفائه فكان شبهه في سقوط القود فتجب الدية انتهي والأقوى الثاني إذا حصلت الشبهة ولو حفر بئرا بعيدة في طريق أو في داره ودعا غيره مع جهله بالحال فاجازه عليها عمدا فوقع فمات فعليه القود لأنه ما يقتل غالبا (وقصده وكذا إذا لم يكن مما يقتل غالبا وقصد به القتل صح) المطلب الرابع أن يشاركه انسان اخر إذا اشترك اثنان فصاعدا في قتل واحد قتلوا به أجمع ان شاء الولي مع التكافؤ بعد أن يرد الولي ما فضل من دياتهم عن دية المقتول إليهم فيأخذ كل واحد منهم قدر ما فضل من ديته عن جنايته بالاجماع والنصوص وعموم قوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ولقوله ولكم في القصاص حياة فلو فإن كانت الشركة تسقط القصاص لبطل حفظ الدم بالقصاص غالبا ومن العامة من لم يجز الا قتل واحد ومنهم من أجاز قتلهم مجازا وان شاء الولي قتل واحدا منهم ويرد الباقون دية جنايتهم عليه وان شاء قتل أكثر ويرد الباقون دية جنايتهم على المقتولين قصاصا فان فضل لهم أي المقتولين شئ لا يفي به ديات جنايات الباقين رده الولي عليهم ويتحقق الشركة بأن يفعل كل واحد منهم ما يقتل لو انفرد كان أمسكوه جميعا فالقوة من شاهق أو في النار أو البحر أو جرحوه جراحات قاتلة أو اشتركوا في تقديم الطعام المسموم إلى غير ذلك أو يجرحه كل منهم أو يكون له شركة في السراية كل ذلك مع القصد من كل منهم إلى الجناية ولو اتفق جمع على واحد وضرب كل واحد منهم سوطا فمات وجب القصاص على الجميع بلا فرق بين ضارب السوط الأول وضارب الأخير لاستواء الكل في سببية الموت إذ كما أنه لو اكتفي بالأول لم يمت (فلو لم يكن الأول لم يمت صح) بالأخير وللعامة قول بأنه لا قصاص وأخر بأنهم إذا تواطأوا عليه لزمهم القصاص ولا قصاص ان وقع ذلك منهم اتفاقا ولا يعتبر التساوي في عدد الجناية بل لو جرحه واحد جرحا أو اخر ماته؟ جرحه أو ضربه واحد سوطا وأخر ماته ثم سري الجميع فالجناية عليهما بالسوية ويؤخذ الدية منهما سواء ان أخذت الدية وان اقتص منهما أعطي كل منهما نصف الدية ولا في جنسها بل لو جرحه واحد جائفة؟ وإخرامه أو جرحه أحدهما وضربه الأخر كان الحكم ذلك ولو جني عليه فصيره في حكم المذبوح بأن لا يبقي معه حياة مستقرة وذبحه أخر فعلي الأول القود فإنه
(٤٤٢)