ومن الأصل وتبادر المباشرة إلى الفهم عند الاطلاق ولو بالت الدابة أو راثت وهي في يده بركوبها أو غيره فزلق انسان فلا ضمان كما في المبسوط والوسيلة والمهذب الا مع الوقوف غير الواقع منها عند البول والروث كما يعتاده بعضها على اشكال في الامرين إما في الأول فمن التسبيب مع ضعف المباشر فهو كما لو رش أو القى في الطريق من لقا ومن الأصل وعدم الاختيار في ذلك مع كون السير بالدابة من ضرورات الاستطراق وموضوعات الطرق واما في الثاني فلذلك ويؤكد الضمار فيه خروج الوقوف بها عن وضع الطرق ولو دخلت زرعه المحفوف بزرع الغير لم يكن له اخراجها إليه مع أدائه إلى الاتلاف لزرع الغير بل يصبر وان أتلفت زرعه أجمع ويضمن المالك ما أتلفته من زرع الغير بالاخراج ان لم يصبر أو بالخروج أو الدخول مع التفريط وهو ظاهر ومع عدمه ففي لزوم الصبر عليه وتضمينه اشكال من استناد التلف إلى دابته فيضمن كما لو أدخلت رأسها في قدر فلم يمكن التخليص الا بالكسر ومن الأصل وعدم التفريط والتضرر بالصبر وكذا القائد انما يضمن ما تجنيه بمقاديمها دون رجليها كما قال الصادق عليه السلام في خبر السكوني ما أصاب للرجل فعلى السايق وما أصاب لليد فعلى القايد والراكب ولو وقف بها في الطريق أو ضربها أو ساقها قدامه ضمن جميع جنايتها لتفريطه بالوقوف بها أو استناد الجناية إلى ضربه وجميعها بين يدي السايق فعليه حفظها وقال الصادق عليه السلام في خبر العلاء بن الفضيل وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها وإن كان بسيوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا وسمعت قوله في خبر السكوني ولو ضربها غيره فجنب بذلك فالضمان على الضارب ولو أوقعت بذلك الراكب ضمن الضارب كما سئل الصادق عليه السلام في حسن الحلبي عن الرجل ينفر بالرجل فيعقره ويعقر دابته رجلا اخر فقال عليه السلام هو ضامن لكل شئ وقال عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار ان عليا عليه السلام كان يضمن الراكب ما وطئت بيدها ورجلها الا أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث بها هذا إذا لم يكن الضارب انما ضربها دفعا لها عن نفسه والا فلا ضمان كما سأله عليه السلام أبو بصير عن رجل كان راكبا على دابة فغشى رجلا ماشيا حتى كاد أن يوطئه فزجر الماشي الدابة عنه فخر عنها فأصابه موت أو جرح قال ليس الذي زجر بضامن انما زجر عن نفسه ونحوه في خبر آخر له عنه عليه السلام وفي آخره وهي الجبار ولو ألقته أي الراكب الدابة المملوكة لغيره لم يضمن المالك وإن كان معها الا أن يكون الالقاء بتنفيره أو كان الراكب صغيرا أو مريضا لا يتمكن من الاستقلال عليها فصحبه المالك لحفظه فيضمن كما لو فرط في حفظ متاع حمله عليها ولو ركبها اثنان تساويا في ضمان ما يجنيه بيديها ورأسها لعموم النصوص والفتاوي لهما وخصوص ما روي من قضاء أمير المؤمنين عليه السلام بالغرامة بين الرديفين بالسوية وفيه تردد ولكن الأصحاب قاطعون به ولا ضمان على الراكب إذا كان صاحب الدابة معها وكانت المراعاة موكولة إليه بأن لم يكن الراكب من أهلها كالطفل والمجنون والمريض ونحوهم أو شرط عليه ذلك ولو اركب مملوكه الصغير دابة ضمن جنايته لتفريطه باركابه مع صغره ولو كان بالغا عاقلا فالضمان في رقبته إن كانت الجناية على نفس آدمي حرا أو طرفه ويجوز تعميم النفس للطرف ولو كانت الجناية على مال فلا ضمان على المولى في رقبته ولا غيرها بل تبع به بعد العتق وفاقا للمحقق وابن إدريس وان لم ينص في الأخير على أنه يتبع به بعد العتق وأطلق الشيخ والقاضي ضمان المولى لاطلاق صحيح ابن رباب عن الصادق عليه السلام في رجل حمل عبده على دابته فوطئت رجلا فقال الغرم على مولاه وهو لا يشمل الجناية على المال كعبارتيهما وحمل العبد ظاهر في عدم كماله وكذا ما في عبارتيهما من لفظ الا ركاب على أن التعلق برقبته من الغرم على المولى الفصل الرابع في الترجيح بين الأسباب وبينها وبين غيرها إذا اجتمع المباشر والسبب وتساويا في القوة أو رجح المباشر ضمن المباشر دون المسبب اتفاقا كالدافع في البئر مع الحافر والممسك مع الذابح وواضع الحجر في الكفة مع جاذب المنجنيق فالضمان على الدافع والذابح والجاذب ولو جهل المباشر حال السبب ضمن صاحب السبب أو ضمن من التضمين كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه وغير الموات فدفع غيره ثالثا ولم يعلم بالبئر ضمن الحافر دون الدافع لانتفاء اثره بالغرور وكذا لو قز من مخوف فوقع في بئر لا يعلمها وان لم يلجه إلى سلوك هذا الطريق ولو حفر في ملك نفسه وسترها ودعا غيره ولم يعلمه عمدا أو نسيانا فوقع فيها فالأقرب الضمان وان لم يكن بالحفر متعديا لان المباشرة يسقط اثرها مع الغرور ولا يطل دم المسلم ويحتمل العدم إذا لم يغره عمد الأصل البراءة مع عدم التعدي وعموم نحو قول الصادق عليه السلام في خبر زرارة ولو أن رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شئ ولا ضمان ولكن ليغطها وما في مضمر سماعة من قوله إما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان ولو اجتمع سببان مختلفان في التقدم والتأخر بالنسبة إلى الجناية قدم الأول منهما في الضمان وان تأخر حدوثه عن الأخر فلو حفر بئرا في طريق مسلوك ونصب آخر حجرا فتعثر به انسان فوقع في البئر فمات ضمن واضع الحجر لكونه كالدافع ولو نصب سكينا في بئر محفورة في طريق مسلوك فتردى انسان فمات بالسكين فالضمان على الحافر فإنه بمنزلة الموقع له على السكين واحتمل المحقق التساوي في الضمان لان التلف لم يتمحض من أحدهما واحتمل ثالث هو اختصاص الضمان بذي السبب القوي كما لو كان السكين قاطعا موجبا والا أفهمه فان السكين وإن كان قاطعا لكن لا يضمن الا من يوقعه وعليه ولم يقع عليه الا التردي في البئر هذا كله إذا تساويا في العدوان ولو اختص (أحدهما به اختص صح) بالضمان كما لو حفر البئر في ملكه فنصب آخر فيها سكينا بغير اذنه فان الضمان على الناصب إما لو سقط الحجر بالسيل على طرف البئر المحفورة عدوانا ففي ضمان الحافر لاختصاصه بالعدوان اشكال ينشأ من استناد التردي إلى الحجر ولو حفر بئرا قريب العمق فعمقها غيره فالضمان على الأول لان سببه أسبق أو يشتركان لاستناد التلف إلى سبب واحد اشتركا فيه فان المتلف انما هو التردي في البئر بما لها من العمق اشكال وإذا اشتركا فهل الضمان عليهما بالسوية أو يوزع على القدر الذي أحدثه كل منهما وجهان والظاهر أن احتمال الاشتراك انما يجزي إذا كان ما أحدثه الثاني مما يستند إليه التلف عادة بأن لا يكون قليلا جدا واما الأول فلا بد من حفره حتى يبلغ ما يسمى بئرا فإنه المفروض ولو تعثر بحجر في الطريق فالضمان على واضعه وإن كان المتعثر مباشرا لضعفه كالمتردي في بئر لا يعلمها ولو تعثر به رجل فدحرجه ثم تعثر به آخر فالضمان على المدحرج لأنه الذي وضعه في موضعه هذا نعم لو لم يشعر بذلك فالدية على العاقلة لأنه خطأ محض ولو تعثر بقاعد في الطريق فالضمان على القاعد فإنه المفرط لوضع الطريق للمشي والوقوف نعم لو تلف القاعد أو شئ منه كان الضمان على العاثر كما في المبسوط ويحتمل الاهدار ولو تعثر الماشي بواقف في الطريق فضمان الواقف ان تلف نفسا أو طرفا على الماشي لان الوقوف من موافق المشي لان الماشي قد يحتاج إلى الوقوف لكلام أو انتظار رفيق فهو من موضوعات الطريق وليس من التفريط في شئ والماشي هدر لتلفه بمباشرته بلا تفريط من الواقف ويحتمل مساواة الوقوف القعود في أنه ليس من اغراض الطريق فيكون الواقف مفرطا فعليه ضمان الماشي وهو هدرا ومضمون أيضا ولو تردى في بئر حفرت عدوانا فسقط عليه آخر فماتا وكان موت الأول بالتردي وسقوط الآخر عليه فضمانهما على الحافر لأنه المسبب لترديهما وموتهما وهل لورثة الأول الرجوع على عاقلة الثاني
(٤٨٩)