بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحدود والحد في الأصل المنع ومنه الحديد لامتناعه وصلابته ويقال للثواب حدادا لمنعه الناس سميت بها الأمور المقدرة في الشرع لمنع الناس عن معاصي معينة عن سدير قال قال أبو جعفر عليه السلام حد يقال في الأرض أزكي فيها من قطر مطر أربعين ليلة وأيامها وعن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم في قول الله عزو جل يحيي الأرض بعد موتها قال ليس يحييها بالقطر ولكن ينبعث الله رجلا فيحيون العدل فيحيى الأرض لاحياء العدل ولإقامة حد فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا وفيه مقاصد ثمانية الأول في حد الزنا بقصر فيكتب بالياء ويمد فيكتب بالألف وفصوله أربعة الأول الموجب لحد الزنا وهو حقيقة بإضافة شرط وجوب الحد وهو التكليف وهو ايلاج الانسان الذكر ذكره وكأنه اكتفي به عن وصف الذكر بناء على أن ما للخنثى ليس بذكر حتى تغيب الحشفة أو قدرها مع فقدها أو الباقي بكماله على وجهين عالما بالتحريم مختارا بالغا عاقلا في فرج امرأة قبلا ودبرا كما نص عليه ابن إدريس والمحقق وقال ابن حمزة في الوطي في الدبر المرأة قولان أحدهما أن يكون زنا وهو الا ثبت والثاني أن يكون لواطا قال في (المخ) فالمشهور هو الأول فيتعين المصير إليه قلت وربما كان مراد الشيخين حيث قالا إنه في الفرج خاصة تخصيصه بالقبل مع تحريمها عليه أصالة لا الحيض ونحوه أي من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك فهو تفسير للتحريم أو المراد بالتحريم ما يعم العرضي وهذا قيد يخرجه أو المراد به ما يعم المستمر إلى الايلاج وغيره هذا قيد يخرجه غيره أو المراد بالعقد ما يعم صورته عند من يستحل به ولشبهة اشتباهها بالزوج وبالملك ما يعم الزائد بعد التملك فلو تزوج امرأة محرمة عليه كأمته وزوجته ومرضعة الغير وغيرهن فان اعتقده أي العقد عقدا صحيحا شبهة عليه فشبهة مفعول لأجله ويجوز كونه مفعولا ثانيا أي اعتقده شبهة عقد يحل بها العقد كما زعمه أبو حنيفة وبالجملة جهل التحريم فلا حد للشبهة والا وجب الحد ولا يسقط بمجرد العقد مع علم التحريم كما زعمه أبو حنيفة ولو استأجرها للوطي أو لغيره فتوهم الحل بذلك سقط الحد والا يتوهمه فلا وقال أبو حنيفة لاحد لو استأجرها للزنا فزنى بها وبالجملة كل موضع يعتقد فيه إباحة النكاح أي الوطي يسقط فيه الحد ولو وجد امرأة على فراشه مثللا فظنها زوجته أو أمته فلا حد عليه ولا حد عليها لو ظنه زوجها أو سيدها ولو تشبهت عليه حدث دونه وعن أبي روح أن امرأة تشبهت بأمة لرجل وذلك ليلا فواقعها وهو يري انها جاريته فرفع إلى عمر فأرسل إلى علي عليه السلام فقال اضرب الرجل حدا في السر واضرب المرأة في العلانية وهو متروك يحتمل لان يكون عليه السلام علم منه العلم أو الظن بحالها وان ادعي الشبهة وعمل بظاهره القاضي وفي نكت (يه) وسمعنا من بعض فقهائنا انه أراد ابهام الحاضرين الامر بإقامة الحد على الرجل سرا ولم يقم على الحد استصلاحا وحسما للمادة لئلا يتخذ الجاهل الشبهة ة عذرا وهذا ممكن انتهي ولو اباحته نفسها لم يحل له بذلك فان اعتقده أي الحل بذلك لشبهته عليه فلا حد ولو أكرهه حد دونها لأنه رفع عن الأمة ما استكروا عليه وغرم مهر مثلها لأنها ليست ببغي ولقول علي عليه السلام في خبر طلحة بن زيد إذا اغتصب الرجل أمة فافتضها فعليه عشر ثمنها فإذا فإن كانت حرة فعليه الصداق خلافا للخلاف والمبسوط تمسكا بالأصل وانه لا مهر لبغي ونعم ما قال ابن إدريس من سلم له انه بغي والعجب أنه قال في (ط) إذا استكره امرأة على زني فلا حد عليها لأنها ليست بزانية وعليه الحد لأنه زان فاما المهر فلها مهر مثلها عند قوم وقال آخرون لا مهر لها وهو مذهبنا لان الأصل براءة الذمة ثم قال متصلا به والأحكام التي يتعلق بالوطي على ثلاثة اضرب أحدها يعتبر بهما وهو الغسل فالغسل يجب على كل واحد منهما والحد يعتبر بكل واحد منهما فان كانا زانيين فعلي كل واحد منهما الحد وإن كان أحدهما زانيا فعليه الحد دون الأخر واما المهر فيعتبر بها ومتى حدث فلا مهر وإذا سقط الحد وجب لها المهر وما ذكر ثانيا هو الصواب وقال نحوه في فصل اجتماع العدتين من العدة أيضا قال والأحكام المتعلقة بالوطي على ثلاثة اضرب إلى قوله وضرب يعتبر بالموطؤة وإن فإن كانت زانية لم يجب وان لم يكن زانية وجب وإن كان الرجل زانيا وهو المهر وفي كتاب الصداق ان أكره امرأة أو وطئها لشبهة فأفضاها وجب المهر والدية وفي الديات لا مهر لها إن فإن كانت ثيبا للزنا وإن فإن كانت بكرا فلها المهر والدية وكلامه في صداق الخلاف ودياته موافق لكلماته في الحدود من نفي المهر ولو أكره عليه الزنا سقط الحد على اشكال ينشأ من احتمال عدم تحقق الاكراه في الرجل لعدم انتشار الآلة الا عن الشهوة المنافية للخوف وهو خيرة الغنية والأقرب كما في التحرير التحقق لان التخوف بترك الفعل والفعل لا يخاف منه فلا يمنع الانتشار ولامكان الاكراه فعلا من غير تخويف حين انتشار الآلة والأعمى يحد كالمبصر الا أن يدعي الشبهة المحتملة فيقبل ويدرؤ عنه الحد وفاقا لابن إدريس والمحقق لعموم أدلة اندراء الحدود بالشبهة وقال المفيد إذا ادعي انه اشتبه عليه الامر فظن أن التي وطئها زوجته لم يسقط ذلك عنه الحد لأنه قد كان ينبغي له أن يتحرز ويتحفظ من الفجور وتبعه في ذلك الشيخ وسلار والقاضي ولعلهم أرادوا أن دخول الشبهة التي عليه لما كان قريبا جدا فلا بد له من بذل المجهود في التحفظ و ارتفاع الشبهة عنه وعند ذلك فلا يشتبه عليه فلا يقبل منه ادعاؤه الشبهة ولذا قال ابن إدريس فان ادعي انه اشتبه عليه الامر فظن أن التي وطئها فإن كانت زوجته أو أمته وكانت الحال شاهدة بما ادعاه بأن يكون على فراشه نائمة قد تشبهت بزوجته أو أمته فإنه يدرؤا عنه الحد للشبهة فإن كان شاهد الحال بخلاف ذلك فإنه لا يصدق وأقيم عليه الحد فيمكن ابتناء كلام الشيخين ومن تبعهما على الغالب ولو ملك بعض الأمة فوطئها والباقي منها حر أو ملك لغيره ولم يأذن له حد بنصيب غيره أو الحرية ان علم التحريم ودرئ عنه الحد بما له فيها من النصيب للنصوص كقول الباقر عليه السلام في خبر إسماعيل الجعفي في جارية بين رجلين فوطئها أحدهما دون الأخر فاجلها قال يضرب نصف الحد ويغرم نصف القيمة وصحيح أبي ولاد الحناط انه سئل الصادق عليه السلام عن جارية بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه فيها فلما رأى ذلك شريكه وثب على الجارية فوقع بها فقال عليه السلام يجلد الذي وقع عليها خمسين جلدة وخبر الحسين بن خالد انه سئل عن مكاتبة مطلقة أدت بعض مكاتبها وجامعها مولاها بعد ذلك فقال إن كان استكرهها على ذلك ضرب من الحد بقدر ما أدت له من مكاتبتها ودرئ عنه من الحد بقدر ما بقي له من مكاتبها وإن كان تابعته (فإن كانت صح) شريكته في الحد ضربت مثل ما يضرب فان اعتقد الإباحة بملك البعض سقط عنه الحد للشبهة ولو ملك بعض زوجته حرمت عليه وان وطئها بعد ذلك سقط الحد بأجمعه للشبهة ان اعتقد الحد أو سقط ما قابل ملكه خاصة مع عدمها أي الشبهة إذ لا عبرة بالعقد حينئذ ولو كان العقد فاسدا لم تحل له به فان اعتقده أي الحل سقط الحد سواء اعتقد الصحة أو علم الفساد وأعتقد الحل به ولاحد في وطؤ زوجته الحائض والصائمة والمحرمة والظاهرة قبل التكفير والمولي منها أول مرة وجه عن الزنا وان حرم ما عدا وطي المولي منها وأما هو فربما وجب وورد تعزير واطي الحيض بخمسة وعشرين سوطا ولو فإن كانت مملوكته محرمة عليه برضاع أو نسب أو تزويج أو عدة حد الا مع الشبهة خلافا لأبي حنيفة وللشافعي في أحد قوليه بناء على كون الملك شبهة وعندنا لا ملك لمحرمة عليه بالنسب وكذا بالرضاع على قوله فإنها بعتق عليه إذا ملكها
(٣٩٣)