الطفل لما فيه من تفويت حقه من غير حاجة وفي المبسوط ان له العفو مطلقا بناء على أن القصاص لا يفوت المولى عليه إذا كمل قال فإن كان الطفل في كفاية لم يكن له يعني للولي ذلك لأنه يفوت عنه التشفي وعندنا له ذلك لان له القصاص على ما قلناه إذا بلغ فلا يبطل التشفي وإن كان فقيرا لامال له قال قوم له العفو على مال لان المال خير من التشفي وقال آخرون ليس له العفو على مال لأنه إذا لم يكن له مال كانت نفقته في بيت المال قالوا والأول أصح وعندنا له ذلك لما بيناه انتهى ولو كان الأصلح اخذ الدية وبذلها الجاني ففي منع الولي من القصاص ان قلنا بأن له استيفاؤه اشكال كما في التحرير ولو قطع عضوا فقال أوصيت للجاني بموجب هذه الجناية وما يحدث منها فاندملت فله المطالبة بالقصاص والأرش لان غايته نقض الوصية وهو جايز على أن المطالبة بالأرش لا يستلزم النقض لجواز اخذه في حياته ويكون للجاني بعد موته وان مات من السراية أو من غيرها صحت الوصية وقد مر من العامة قول بأنه لا وصية لقاتل عمدا وهو قول أبي علي وقد مر استشكاله فيه في الوصية وقسط القصاص والدية دية النفس أو الطرف من الثلث فإن لم يف بالجميع قسط ما يفي به وكان للورثة المطالبة بالباقي من الدية وبالقصاص مع رد الثلث فان الجاني صار كأحد الورثة الذين يقسط عليهم حق القصاص أو الدية وقد مر أن أحدهم إذا عفا كان للباقي القصاص المطلب الثاني في حكمه إذا عفا عن القصاص إلى الدية فان بذلها الجاني صح المعفو وهل يلزمه البذل الأقرب ذلك من أنه لا يطل دم المسلم وقد عفى عن القصاص فيجب بذل الدية ووجوب حفظ النفس وحرمة القائها إلى التهلكة ومن الواجب أصالة بالعمد هو القصاص والدية انما يجب بالتراضي ومنع وجوب حفظ النفس هنا وعلى التقديرين ان لم يبذل الجاني الدية لم يسقط القصاص لأنه انما أسقطا بشرط ان تسلم له الدية وان عفا مطلقا لم يجب المال لما مر غير مرة انه انما يجب صلحا ومن قال إن الواجب بالعمد أصالة أحد الامرين من القصاص أو الدية أوجبه بالعفو المطلق وإذا قال عفوت إلى الدية وأطلق ورضى الجاني وجبت عليه دية المقتول لأنه المتبادر لا دية القاتل وكذا لو مات الجاني أو قتل قبل الاستيفاء وجبت دية المقتول لا دية القاتل في تركته وإن كان يتوهم وجوب دية القاتل فان الواجب أصالة نفسه فإذا فاتت وجب بدله وهو ديته واما لزوم الدية في تركته ففيه قولان ففي النهاية والمهذب والكافي والغنية والوسيلة والجامع والاصباح الوجوب للاجماع كما في الغنية وعموم فقد جعلنا لوليه سلطانا ولا يطل دم امرئ مسلم وخبر البزنطي عن أبي جعفر عليه السلام في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر ولم يقدر عليه حتى مات قال إن كان له مال أخذت الدية من ماله والا أخذت من الأقرب فالأقرب ونحوه خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام وهما يختصان بالهارب ويتضمنان الأخذ من الأقرب فالأقرب وكذلك عبارات الكتب المذكورة ولأنه لو قطع طرفا وليس له مثله أخذت منه ديته وفي المبسوط والسرائر السقوط للاجماع كما في السرائر والأصل فان الواجب بالعمد انما هو القصاص وانما يثبت الدية صلحا لكن فرض المسألة في المبسوط في هلاك القاتل وفي السرائر في هربه وكلام الخلاف والشرايع يعطي التردد وفرض المسألة فيهما في هلاك القاتل وفي صحيح حريز انه سأل الصادق عليه السلام عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الولي فدفعه إلى أولياء المقتول فوثب قوم فخلصوه من أيديهم فقال عليه السلام أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل قيل فان مات القاتل وهم في السجن فقال إن مات فعليهم الدية ولو عفا في العمد عن الدية أو لا لم يكن له أي العفو حكم لأنه عفو عما لم يثبت بناء على أن الواجب به انما هو القصاص ويتجه على القول الآخر فان عفا بعد ذلك عن القصاص مطلقا لم يكن له الدية كما انها ليست له على القول الأول إذا أطلقه مطلقا ولو تصالحا على مال أزيد من الدية أو من غير جنسها صح على المختار وعلى وجوب أحد الامرين بالعمد فان للولي اختيار أيهما شاء فله أن لا يرضى باسقاط القصاص الا بأزيد من الدية وبغير جنسها والعامة قطعوا بعدم الصحة على الثاني ولهم على الأول وجهان من أن خلف القصاص الدية ومن أن الواجب هنا القود والمال لهما انما يثبت بالتراضي ولو قطع بعض أعضاء القاتل وان أساء ثم عفا عن النفس مطلقا لم يضمن بدل الطرف سواء سرى القطع إلى النفس أو وقف لأنه قطع غير مضمون والعفو لا يوجب الضمان غايته انه إذا سرى بطل العفو وقال مالك يقتص منه في الطرف وقال أبو حنيفة عليه ديته ولو رمى سهما إلى القاتل ثم عفا لم يكن للعفو حكم إذا كان السهم قاتلا لخروج الامر عن اختياره ويحتمل أن يكون كقطع الطرف فان أصاب وقتل ظهر البطلان والا الصحة ولا ضمان لما عرفت وللعامة وجه بلزوم الدية العاقلة فإنه حين الإصابة محقون الدم ولو عفا عن القصاص في جناية لا يجب فيها القصاص كالمأمومة فلا حكم للعفو لتعلقه بما ليس له فان مات منها اقتص منه فإنه لم يعف عن القصاص في النفس (إما لو عفى عنه فهو عفو عن سراية الجناية وقد مضى ولو عن الدية للجناية ومات منها فله أي لوليه أي لأجله القصاص في النفس صح) ولكن إذا قلنا بصحة العفو قبل السراية الموجبة لدخول الجناية في النفس عنها فهو وصية للجاني فيدفع إليه من تركته دية الجناية و ان أخذت منه الدية أسقط منها الوصية وأخذ الباقي ويحتمل بطلان العفو عن دية الجناية قبل استقرارها للجهل وقد مر القول ببطلان الوصية للقاتل ولو اقتص الولي بما ليس له الاقتصاص به كقطع اليدين والرجلين فالأقرب انه يضمن الدية لأنه جنى عليه جناية بغير حق دون القصاص لأنه ليس معصوم الدم بالنسبة إليه في نفسه فكذا في الأطراف مع الأصل والشبهة ويحتمل القصاص لعموم النصوص ومنع خروج الأطراف عن العصمة ويؤيده ما مر من مرسل أبان بن عثمان عن أحدهما عليهما السلام في الذي ضرب قاتل أخيه في زمن عمر حتى ظن أنه قتله ثم عولج فبرئ ويحتمل أن لا يضمن الدية أيضا كما تقدم لعين دليل ففي القصاص الا الشبهة وله القود بعد ذلك لأنه لم يستوفه وان استوفى ما يزيد ديته على دية النفس خلافا لبعض العامة فان عفا على مال فالأقرب التقاص بناء على وجوب الدية عليه القطب الثاني في الديات وفيه ثلاثة أبواب الأول في الموجب وفيه فصول خمسة الأول المباشرة وقد عرفت معناها والفرق بينها وبين التسبيب ويجب بها الدية إذا انتفى قصد القتل وما يقتل غالبا كمن رمى غرضا فأصاب انسانا أو ضرب للتأديب فاتفق الموت أو وقع من علو فاتفق وقوعه على غيره فقتله فان قصد الوقوع عليه وكان الوقوع يقتل غالبا فهو عمد وان لم يقصد به القتل وإن كان لا يقتل غالبا فهو عمد الخطأ أي خطأ شبيه بالعمد فإنه قصد الفعل القاتل ان لم يقصد به القتل والا فعمد ولو اضطر إلى الوقوع أو تعمده ولم يقصد القتل أي الوقوع على الغير الذي تسبب لقتله فهو خطا كان الوقوع عليه مما يقتله أو لا وكان يفهم هذه الشرطية مما تقدمها كما أشرنا إليه لكنه صرح بها نصا وللتفضيل إلى الاضطرار وغيره فالكلام في قوة قوله أو وقع من علو على غيره فقتله في بعض الوجوه فإنه ان قصد الوقوع على الغير فكذا وكذا ولو اضطر فكذا بقي الكلام في الاضطرار ان أراد به ما يزول معه القصد إلى الوقوع أو الوقوع على الغير فهو كما لو ألقاه الهواء وسنذكر انه لا ضمان وان أراد الالجاء لا إلى زوال القصد فلا فرق بينه وبين غيره في أنه ان قصد الوقوع على الغير وكان مما يقتل غالبا فهو متعمد وان لم يقصد القتل وإن كان مما يقتل نادرا فان قصد القتل فهو متعمد والا فشبيه به وليس مخطيا محضا الا إذا لم يقصد الوقوع على الغير (فلا معنى للعطف وكان حق العبارة أن يقول ولو قصد الوقوع ولم يقصد الوقوع على الغير صح) فهو خطأ لكنه عبر بمثل
(٤٨٢)