كتاب القضاء وهو فصل الامر قولا أو فعلا وفي المقائيس انه أصل صحيح يدل على احكام أمر واتقانه والفاذه وفي الشرع ولاية الحكم شرعا لمن له أهلية الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية على؟ اشخاص معنية يتعلق باثبات الحقوق واستيفائها ولمستحقها وفيه مقاصد تسعة الأول في التولية و العزل وفيه فصول ثلاثة الأول في التولية وانما تثبت عندنا بإذن الامام أو نائبه فان له الرياسة العامة فلا رياسة لاحد الا باذنه بتوسط أولا به حاضرا كان أو غائبا ولا تثبت بنصب أهل البلد إذ ليس لهم أن يفوضوا من مناسب الامام شيئا إلى أحد وعن الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد اتقوا الحكومة فان الحكومة انما هي للامام العالم بالقضاء العادل في المسلمين كنبي أو وصى نبي وقال أمير المؤمنين عليه السلام يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه الا نبي أو وصى نبي أو شقى ولكن لو تراضى الخصمان بحكم بعض الرعية فحكم بينهما جاز عندنا وإن كان الامام حاضرا أو هناك قاضي منصوب منه لقوله تعالى ومن لم يحكم بما انزل الله الآية وللدخول في عموم ما دل على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولنحو قول الصادق عليه السلام لأبي خديجة إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فان جعلته قاضيا فتحاكموا إليه وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حكم بين الاثنين فتراضيا به فلم يعدل فعليه لعنة الله لدلالته على الجواز مع العدل ولما حكى من ثبوته في زمن النبي صلى الله عليه وآله وعن بعض العامة المنع منه ولزمها حكمه لنحو قول الصادق عليه السلام لعمر بن حنظلة انظر لاوا إلى من كان منكم وقد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فارضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا ردوا الرد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله وحكمه لازم نافذ في كل الاحكام في حقوق الناس وحقوق الله حتى العقوبات للعمومات وإن كان في جواز اقامته لها الاشكال الآتي ولا يجوز نقض ما حكم به صحيحا فيما لا ينقض فيه الاحكام وان لم يرضيا بحكمه بعده خلافا لبعض العامة فاعتبر رضاهما بعد الحكم أيضا واحتمله بعض الأصحاب وانما يلزم حكمه ولا يجوز نقضه إذا كان بشرائط القاضي المنصوب عن الامام اتفاقا نعم لو رجع أحدهما عن تحكيمه قبل حكمه لم ينفذ حكمه كما إذا أقام المدعي البينة فقال المنكر قبل الحكم عزلتك وفي حال الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع الشرايط الافتاء وان لم يرضيا بحكمه من رأس اتفاقا كما يظهر فإنه منصوب من الامام في نحو ما سمعته من الخبرين بل ظاهرهما العموم بحال الحضور فمن عدل عنه إلى قضاة الجور لا للضرورة كان عاصيا وان اتفق انه حكم بالحق وكذا فقال إن تعذر الفقيه الجامع للشرائط ولم يدع ضرورة إلى الرفع إليهم لأنهم ليسوا أهلا لذلك وفي الاخبار وهي كثيرة كقول الصادق عليه السلام لأبي خديجة إياكم فقال إن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولأبي بصير أيما رجل كان بينه وبين أخ له مما رآه في حق فدعاه إلى رجل من اخوانه ليحكم بينه وبينه فأبي أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم امنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به وعن محمد بن مسلم قال مر بي أبو جعفر أو أبو عبد الله عليهما السلام وانا جالس عند قاض بالمدينة فدخلت عليه من القد فقال لي ما مجلس رأيتك فيه أمس قال قلت جعلت فداك فقال إن هذا القاضي لي يكرم فربما جلست إليه فقال لي وما يؤمنك أن ينزل اللعته؟ فتعم من في المجلس وكان ما يأخذه بحكمهم سحتا كما في خبر عمر بن حنظلة سأل الصادق عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك فقال من تحاكم إلى الطاغوت فحكم فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا لأنه اخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله عز وجل أن يكفروا بها وخبر أبي بصير قال له عند قول الله عز وجل في كتابه ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام فقال يا أبا بصير أن الله عز وجل قد علم أن في الأمة حاكما يجورون إما انه لم يعن حكام العدل ولكنه عني حكام الجور يا أبا محمد انه لو كان لك على رجل حق (إلى حاكم أهل العدل فأبي عليك الا أن ترافعك صح) فدعوته إلى حاكم أهل الجور ليقضوا له كان ممن حاكم إلى الطاغوت وهو قول الله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم امنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت هذا مع الاختيار و إما عند الضرورة كما إذا توقف أخذ الحق على الرفع إليهم فلا بأس به بل ربما وجب إذ لا ضرر ولا حرج في الدين ولو تعدد الفقيه الجامع للشرائط تخير المدعي فإنه الذي يرافع ولو ترك ترك الا المنكر في الترافع إلى من شاء فقال إن تساووا في العلم أو الزهد ولو كان أحدهم أفضل في الفقه تعين الترافع إليه حال الغيبة لأنه أبعد من الخطاء وأقرب من نيابة الامام ولقبح ترجيح المرجوح وإن كان المفضول أزهد إذا تساويا في استجماع الشرائط فان العمدة في ذلك العلم مع ورع تحجر عن الكذب والمسامحة فان تساويا في العلم فالأزهد فقال الصادق عليه السلام في خبر داود بن الحصين إذا اختلف عدلان ينظر إلى أفقههما واعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الأخر وقال له عليه السلام عمر بن حنظلة في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا ناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثنا قال الحكم ما حكم به أعدلهما وافقهما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الأخر قال قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه قال فقال ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فتأخذ به من حكمنا ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه وانما الأمور ثلاثة أمر بين شدة فيتبع وامر بين غيه فيجتنب وامر مشكل فيرد حكمه إلى الله عز وجل والى الرسول قال رسول الله صلى الله عليه وآله حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجي من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم قلت فإن كان الخبر فقال إن عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة اخذ به قلت جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لها بأي الخبرين يؤخذ قال بما يخالف العامة فان فيه الرشاد قلت جعلت فداك فان وافقهما الخبران جميعا قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر قلت فان وافق حكامهم وقضاتهم الخبران جميعا قال إذا كان كذلك فأخرجه حتى تلقى امامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات فهل يقدم الأعلم في غير الفقه مع التساوي فيه فقال إن كان اعلم فيما يتوقف عليه العلم بما (جمعان) في الكتاب والسنة ويتسب؟ لا زياد البصيرة فيها كالعلوم العربية أو فيما له مدخل في المسألة الترافع فيها كان يتوقف الحكم فيها على مسألة طبيعية أو رياضية أو نحوهما فلا شبهة في التقدم وبدون ذلك فالظاهر العدم للأصل واختصاص الاخبار بالفقه والحديث وان عم لغة إما حال ظهور الإمام فالأقرب جواز العدول إلى المفضول وفاقا للمحقق للأصل واجتماع الشروط في المفضول والفرق بين زمان الغيبة والحضور لان خطاءه في الحضور ينجبر بنظر الامام أي يمكنه مراجعة الامام فيما يشتبه عليه وما فيه من الورع يبعثه عليها فبذلك يضعف احتمال الخطاء في الحكم بل الغالب انه لا يرافع أحد من زمن الحضور إلى مأذون
(٣٢٠)