المقصد الخامس في حد الشرب وفصوله ثلاثة الأول وهو تناول ما اسكر جنسه أو الفقاع اختيارا مع العلم بالمتناول بالتحريم وان لم يعلم وجوب الحد به و الكمال بالبلوغ والعقل فالتناول يعم الشرب والاصطباغ واخذه ممزجا بالأغذية والأدوية وان خرج عرفا عن حقيقة بالتركيب ولا يشترط الاسكان بالفعل كما زعم أبو حنيفة فلو تناول قطرة من المسكر أو خرج القطرة بالغذاء أو الدواء وتناوله حد عندنا وان لم يتناوله ما في النصوص من لفظ الشرب فكأنه اجماعي وأما الاخبار باستواء القليل والكثير في ايجاب الحد بشربه فكثيرة وفي المقنع وإذا شرب من خمر جلد ثمانين وان أخذ شارب النبيذ ولم يسكر لم يجلد حتى يري سكران و يوافقه خبر إسحاق بن عمار الساباطي سئل الصادق عليه السلام عن رجل شرب حسوة خمر قال يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام وصحيح الحلبي قال له عليه السلام أرأيت ان أخذ شارب النبيذ ولم يسكر أيجلد ثمانين قال لا وكل مسكر حرام ونحوه صحيح أبي الصباح عنه عليه السلام ويجوز كون لم يسكر فيهما من الاسكار وعود الضمير على النبيذ فلا اشكال للضرورة إلى الحمل على التقية كما فعله الشيخ ويحتمله كلام الصدوق أيضا وقوله حتى يري سكران يجوز أن يكون عند اشتباه ما شربه ولا فرق في المسكر بين أن يكون متخذا من عنب و هو المعروف بالخمر أو تمر وهو النبيذ أو زبيب وهو النقيع أو عسل وهو البتع أو شعير وهو المزر أو حنطة أو ذرة أو غيرها خلافا لأبي حنيفة في بعضها سواء كان متخذا من جنس واحد وأكثر وأطلق بعض العامة على الخليطين والفقاع كالمسكر عندنا وان لم يكن مسكرا بالنص والاجماع وكذا لعصير العنبي إذا غلا وان لم يقذف بالزبد خلافا لأبي حنيفة فاعتبر الازباد سواء غلا من نفسه أو بالنار أو بالشمس الا أن يذهب ثلثاه أو ينقلب خلا ولا خلاف عندنا في جميع ذلك النصوص ناطقة به لكن لم أظفر بدليل على شاربة ثمانين ولا تقابل به قبله سوى المحقق وكذا غير العصير العنبي إذا حصلت فيه الشدة المسكرة وهو تكرير لتعميم الحكم لكل مسكر وعصير التمر إذا غلا ولم يبلغ حد الاسكار ففي تحريمه قبل ذهاب ثلثيه نظر من الأصل وهو خيرة التحرير ومن دخوله في النبيذ وهو ممنوع كحرمة كل نبيذ وكذا في تحريم الزبيب إذا انقطع بالماء فعلي عن نفسه أو بالنار نظر من خروجه عن مسمى العصير ومن اتحاد الذات والصفات سوى العصر والأقرب فيهما البقاء على الحل ما لم يبلغ الشدة المسكرة للأصل ولا حد على الحربي وان تظاهر بشربه لان الكفر أعظم منه نعم ان أفسد بذلك أدب بما يراه الحاكم ولا لذمي المستتر بشربه فان تظاهر به بان شربه جهرة أو خرج سكران حد لخروجه عن شرط الذمة ويحد الحنفي إذا شرب النبيذ وان قل وان اسلخه فان الحد لله والنصوص أطلقت بحد الشارب والفرق بينه وبين الحربي أنه يجري عليه أحكام الاسلام وان لم يكن مسلما عندنا حقيقة ولا يحد المكره على الشرب سواء كان الاكراه بأن توعد عليه بقتل أو ضرب شديد أو هتك عرض أو أخذ مال مضر أو وجر في حلقه لعموم الرفع عما استكرهوا عليه والأخبار النافية للتقية فيه أكثرها انما نفي الامام فيها التقية عن نفسه ويمكن حمل المطلق منها عليها و على أن الضرورة لا يلجئ إلى التقية غالبا لحرمته عند العامة مع أنها لا يقتضي الحد عليه مع ابتناء الحدود على التخفيف وخبر محمد بن الفضيل الهاشمي انه دخل على الصادق عليه السلام مع اخوانه فقالوا انما نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليه السلام عليكم بالتمتع فانا لا ينتفي أحدا في المتمتع بالعمرة إلى الحج واجتناب المسكر والمسح على الخفين ضعيف مع احتماله ما ذكرناه من أن الضرورة لا يؤدي إلى التقية غالبا ولا الصبي ولا المجنون ويؤدبان مع التميز ولا الجاهل بحبس المشروب وانه مسكر أو بتحريمه لقرب عهده بالاسلام وشبهة كما في خبر ابن بكير عن الصادق عليه السلام ان رجا شرب خمرا على عهد أبي بكر فقال إن أسلمت وحسن اسلامي ومنزلي بين طهران قوم يشربون الخمر و يستحلون ولو علمت أنها حرام اجتنبها فقال أمير المؤمنين عليه السلام ابعثوا من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه أية التحريم فليشهد عليه ففعلوا ذلك فلم يشهد عليه أحد فخلي عنه وقال له ان شربت بعدها أقمنا عليه الحد ويشكل الفرق بينه وبين الحنفي إذا شرب النبيذ الا أن يقال في الذمي سمع من غير الحنفية تحريمه انه فرط في الاخلاد إلى رأي الحنفية ولم يجتهد ليعرف الحق من المذاهب ولا على من اضطره العطش أو اضافه لقمة إلى شرب الخمر فإنهما أشد من بعض صور الأشياء والأقرب تجويزه لهما وفاقا للنهاية وئر؟ وغيرهما وخلافا للمبسوط والخلاف وقد مر الخلاف في الصيد والذبايح ولا يجوز التداوي بالخمر وغيرها من المسكرات تناولا وان انحصر الدواء فيها وقد مر استشكاله فيه ويحد لو فعل الا مع الشبهة لعموم نصوص الحد ولو كان مركبا مع غيره كالترياق و احترز بالتناول عن التضمد والاطلاء والاكتحال وقد مر الكلام في الاكتحال ولو علم التحريم وجهل وجوب الحد حد فالعلم بالتحريم يكفي زاجرا له ولو شرب بظن انه من جنس اخر محلل فال حد لامتناع تكليف الغافل فان سكر فكالمغمي عليه لا كسائر السكاري يسقط عنه قضاء ما فاته من الصلاة في السكر واما لو شرب بظن انه من جنس اخر محرم غير مسكر ففي الحد وجهان من جهله بشربه المسكر ومن علمه بالتحريم وان لم يعلم الاسكار كما لو علم التحريم ولو يعلم أن فيه الحد وكذا في قضاء الصلوات من اقدامه على ما فوتها عالما بالتحريم ومن جهله بالتفويت ويثبت تناول المسكر بشهادة عدلين فلا يقبل فيه شهادة النساء منفردات ولا منضمات لما مر وقد مر الخلاف وبالاقرار مرتين كما في " يه " والمراسم و " ئر " والوسيلة والجامع و " ئع وفع " ولا يكفي المرة كما مر وما يأتي من موجبات الحدود في المقنعة سكره ينبه عليه بشرب المخطور ولا يرتقب بذلك اقرار منه في حال صحوه به ولا شهادة من غيره عليه قلت هذا إذا علم أنه لم يكره عليه ولا شربه جاهلا به أو بتحريمه و كذا ما في الخلاف ومبسوط من أنه يحد إذا تقيأ خمرا ويشترط في المقر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعن أمير المؤمنين عليه السلام من أقر عند تجريد أو حبس أو تخويف أو تهديد فلا حد عليه ولا يكفي في ثبوته الرائحة والنكهة لاحتمال الاكراه والجهل واحتمال الرائحة قال يقولون لي أنكر قد شربت مدامة فقلت لهم لابل اكلت سفر جلا وعن أبي حنيفة انه اكتفي بالرائحة ويكفي أن يقول الشاهد شرب مسكرا أو شرب ما شربه غيره فسكر وان لم يعين جنس ما شربه ثم إن ادعي الاكراه أو الجهل واحتمل قبل منه (الفصل الثاني) في الواجب ويجب ثمانون جلدة بالاجماع والنصوص وفي حسن الحلبي انه سئل الصادق عليه السلام أرأيت النبي كيف كان يضرب في الخمر قال كان يضرب بالنعال ويزيد إذا أتى بالشارب ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين أشار ذلك على عمر ونحوه خبر أبي بصير عنه عليه السلام و عن أمير المؤمنين عليه السلام انه إذا شرب الرجل الخمر فسكر هذي وإذا هذى افترى فإذا فعل ذلك فاجلدوه جلد المفتري ثمانين ومن القريب ما في كتاب والاستعانة في بدع الثلاثة من أن جلد الشارب ثمانين من بدع الثاني وان الرسول صلى الله عليه وآله جعل حده أربعين بالنعال العربية وجرائد النخل باجماع أهل الرواية وان الثاني قال إذا سكر وافترى حد حد المفتري ولعله أراد باعترافهم الزامهم كما في الطريف من قوله ومن طريف ما شهدوا به أيضا على خليفتهم عمر من تغييره لشريعته بينهم وقلة معرفته بمقام الأنبياء وخلفائهم ما ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين من مسند انس بن مالك في الحديث الحادي والتسعين من المتفق عليه قال إن النبي صلى الله عليه وآله ضرب في الخمر بالجرايد و
(٤١٧)