للعامة قول بعدم اشتراط العدالة ولا الاسلام بناه على أن القاضي لا يمضي الا ما يقف (اتفقت) عليه ولا يشترط العدد إما المترجم فلا بد من اثنين عدلين لان قولهما شهادة ويكفي الاثنان وان تراجما عن الزنا ولا يكفي رجل وامرأتان وان تراجما عما يكفي فيه ذلك وكذا المسمع إذا كان بالقاضي صمم وتردد فيه في التحرير من مساواته للمترجم فإنه ينقل عين اللفظ كما أن المترجم ينقل معناه ومن أنه لو غيره اللفظ عرف الخصمان والخصمان (الحضار) بخلاف المترجم قال نعم لو كان الخصمان أصمين وجب العدد لجواز غفلة الحاضرين قلت وكذا لو كان أحدهم أصم واحتمل الوجهان في الدروس المترجم أيضا الا أن لا يعرف الخصمان لغة أو كانا أصمين ولا يشترط في الترجمة أو الاسماع لفظ الشهادة لأنهما يسلكان بها مسلك الرواية وفي التحرير اشترطه في الترجمة دون الاسماع قال فان شرطنا العدد فالأقرب عدم اشتراط لفظ الشهادة وان لم يشترط فلا يراعي لفظ الشهادة لأنه يسلك بها مسلك الرواية ولعل الفرق اختلاف اللفظ في الترجمة وتنزل المترجم عنه منزلة الغائب ولا يشترط فيها الحرية وان اشترطناها في الشاهد لأنهما بمنزلة الراوي ولو طلب السمع وهو هنا يشمل المترجم أجرة على الاسماع ففي وجوبها في مال صاحب الحق أو بيت المال اشكال من كونه المصالح العامة وهو خيرة التحرير ومن نيابته عن المدعي وعود النفع إليه بفعله وليس على المنكر شئ وان اندفع عنه الضرر بفعله لأنه لو ترك الترك ويحتمل وجوبها عليهما ولا يغرر من أساء أدبه في مجلسه الا بعد الاعراض ثم النهي ثم الزجر باللسان والإصرار على إساءة الأدب لوجوب التدرج في مدارج النهي عن المنكر وله الغفو لكن لا بحيث يزول هيبته عن عيون الناس ويؤدي إلى عدم نفوذ حكمه فان ظهر كذب الشاهد غرره ظاهرا بحسب ما يراه ويقوي الكاذب عليه قوة وضعفا فإن كان لا يحتمل الضرب أصلا حبسه وأورنجه؟ وقرعه ونادي عليه فيما يكون فيه معروفا من محلته أو سوقه أو قبيلته ليجتنب الناس الوثوق بشهادته ويعتبر به هو وغيره قال الشيخ ولا يحلق رأسه ولا يركب ولا يطوف ولا ينادي هو على نفسه وفيه خلاف وروى في أخبارنا انه يركب وينادي عليه ويكره أن يتخذ حاجبا وقت القضاء لقوله عليه السلام من ولى شيئا من أمور الناس فاحتجب دون حاجتهم وفاقتهم احتجب الله دون حاجته وفاقته وفقره وقيل بالحرمة لظاهر الخبر (وهو كذلك صح) مع المداومة والأداء إلى التعطيل ويكره اتخاذ المساجد مجلسا لحكمه دائما على رأي وفاقا للمحق كقول الصادق عليه السلام في مرسلة علي بن أسباط جنبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والأحكام والحدود ورفع الصوت وقول النبي صلى الله عليه وآله انما بينت المساجد لذكر الله والصلاة و قوله صلى الله عليه وآله جنبوا المساجد صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم فان الجلوس الحكم يستلزم في الغالب وقوع الخصومات فيه ورفع الأصوات ودخول المساجد الصبيان والمجانين وربما استلزام دخول الحيض والمشركين واما عموم الكراهة إذا اتفق أحيانا للأصل السالم من هذه المعارضة ولتصافر الاخبار بوقوعه من النبي صلى الله عليه وآله ومن أمير المؤمنين عليه السلام ودكة القضاء بمسجد الكوفة معروفة ولأنه إذا اتفقت المرافعة في المسجد فربما وجب المبادر إلى الحكم ولم يجز التأخير وظاهر (ف) و (ط) نفي الكراهة مطلقا وظاهر (يه) والمقنعة والمراسم والكامل و (ئر) وصريح الكافي الاستحباب لان القضاء من أفضل الطاعات والمسجد من أفضل البقاع وفي بعض الكتب انه بلغ عليا عليه السلام ان شريحا يقضي في بيته فقال يا شريح اجلس في المسجد فإنه اعدل بين الناس وانه رهن بالقاضي أن يجلس في بيته وأطلق (المص) في (يه) والمنتهى الكراهة عملا بعموم الأخبار المتقدمة وحملا للواقع على الضرورة أو الدلالة على الجواز وفي صلاة الكتاب و (ئع) و (فع) والمعتبر والارشاد والتبصرة والتخليص كراهة انفاذ الأحكام فقيل المراد الحبس عن الحقوق والملازمة عليها لكن يدخل فيه إقامة الحدود وهي مذكورة معه في جمع هذه الكتب وأيضا فاحتج له في المعتبر باعتبار مشاجرة الخصوم وقولهم الكذب ويكره القضاء مع غضب وشبهه بما يشتغل الخاطر كما تقدم ولو قضي فوافق الحق نفذ للأصل من دون معارض ولما روى عن الزبير بن العوام و رجلا من الأنصار اختصما في شراج الحرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ساق زرعك يا زبير ثم ارسل الماء إلى جارك فقال الأنصاري إن كان ابن عمك فاحمر وجهه رسول الله وقال اسق زرعك يا زبير ثم احبس الماء حتى يبلغ أصول الجدد لأنه صلى الله عليه وآله استنزل الزبير أولا عن كمال حقه فلما أغضبه الأنصاري امره باستيفاء حقه وقيل بانتفاء الكراهة إن كان الغضب لله لهذه الرواية ويكره أن يتولي البيع والشراء لنفسه في مجلس الحكم أو غيره مع من يعلم أنه يحابي أو مع غيره لما روى عنه صلى الله عليه وآله من قوله ما عدل والى أتجر في رعيته أبدا وفي رواية لعنت إماما يتجر في رعيته ولأنه قد يحابي من عامله فيميل قلبه إليه إذا رفع إليه في أمر وقد يخاف خصم من عامله ميل للقاضي عليه فيمتنع من الرفع إليه والحق بهما ساير المعاملات من إجازة والاستيجار وغيرهما فالطريق في معاملته مع رعيته أن يؤكل وكيلا لا يعرف انه وكيله فإذا عرف أبدله باخر وان احتاج إلى المباشرة بنفسه أو بوكيل معروف جاز ولم يكره وفي المناقب لا خطب خوارزم عن أبي مطر عن أمير المؤمنين عليه السلام انه أتى سوق الكراميس فقال يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر شيئا فاتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم وأن يتولي بنفسه بمعني انه إذا خاصمه غيره وأراد التحاكم إلى قاض اخر لم يرتفع إليه بنفسه بل وكل وكيلا فقد روى أن عليا عليه السلام وكل عقيلا في خصومة وقال إن للخصومة قمحا واني لأكره ان أحضرها ويكره أن يستعمل الانقباض المانع من الحجاج عنده أو اللين المفضي إلى سقوط محله ويكره نصب شهود مبنيين لما فيه من التضييق على الناس والفضاضة من العدول إلى غيرهم وفي (ط) لا يجوز للحاكم أن يرتب شهودا يسمع شهادتهم دون غيرهم بل يدع الناس كل من شهد عنده فان عرفه والا سئل عنه على ما قلناه وقيل أن أول من رتب شهودا لا يقبل غيرهم إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي والصحيح ما قلناه لان الحاكم إذا رتب قوما فإنما يفعل هذا ممن وهو عدل عنده وغير من رتبه كذلك مثله أو اعدل منه فإذا كان الكل سواء لم يجز أن يخص بعضهم بالقبول دون بعض و لأنه؟؟؟ فيه على الناس (لحاجتهم إلى الشهادة بالحقوق في كل وقت من نكاح وغضب وقتل وغير ذلك فإذا لم يرتب الا قوما دون قوم شق على الناس صح) فان الشاهد إذا علم أنه لا يقبل قول غيره ربما تقاعد عنها حتى يأخذ الرشوة عليها ولان فيه ابطال الحقوق فان كل من له حق لا يقدر على إقامة البينة به ممن كان مقبول الشهادة راتبا لها دون غيرهم فاما أن ترتب قوما قد عرفت عدالتهم وسكن إليهم يسمع قولهم ويقبل شهادتهم فإذا شهد بالحق عند غيرهم بحث عنهم فما تركوا حكم بذلك فلا بأس به انتهي والحق ان ما تضمنه هذا الكلام من قهر الناس على أن لا تحملوا الشهادة سوى من عنهم لها أو عدم سماع شهادة غيرهم من العدول مع معرفته باجتماع شروط القبول أو تمكنه من المعرفة فلا شبهة في حرمته وانما المكروه ان يرتب قوما لتحمل الشهادة من غير قهر ولا رد لشهادة غيرهم الفصل الثاني في التسوية ويجب على الحاكم التسوية بين الخصمين ان تساويا في الاسلام والكفر في القيام والنظر في جواب السلم وأنواع الاكرام والجلوس والانصاف والعدل في الحكم لقوله صلى الله عليه وآله من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه واشارته ومقعده ولا يرفعن صوته على أحدهما
(٣٢٧)