شرطا أو سببا كان الحكم ما في المبسوط من أنه لم يجب النفقة الا بعد أعلامه (ووصوله صح) ورسوله أو وصول وكيله قبل القبض (للقبض فيجب النفقة من حين القبض صح) ولو أعلم فلم يبادر بنفسه ولم ينفذ وكيلا سقط عنه الانفاق قدر وصوله وألزم بما زاد أي بنفقته وكذا الحال لو أعلمت الزوج بالتمكين من غير حضور عند الحاكم وأما على القول الأول فهي مستحقة للنفقة بالعقد فلا يتفرع عليه هذه الأحكام وأما لو نشزت قبل الغيبة وعادت إلى الطاعة فعلى القولين لم يجب النفقة حتى يعلم الزوج وينقضي زمان يمكنه الوصول إليها ويمكن وكيله ولو ارتدت سقطت النفقة فان غاب وأسلمت في غيبته عادت نفقتها عند اسلامها لا بعد العلم ومضى زمان الوصول كما في النشوز وإن كانت الردة كالنشوز بل أقوى لوجود التمكين هنا في الردة وانما الردة مانعة من وجوب النفقة فإذا زالت عادت الوجوب بخلاف الأول فإنه لا تمكين فيه والنفقة بإزاء التمكين والتسليم فلا تعود الا بعود التسليم كذا في المبسوط وغيره وفيه أنه لا تمكين مع الردة فان التمكين هو التسليم ولا تسليم إذا لم يمكن التسلم وكان المانع من جهة المسلم ويستحق النفقة الزوجة المسلمة والكتابية والحرة والأمة إذا أرسلها إليه مولاها ليلا ونهارا لعموم الأدلة بخلاف ما إذا لم يرسل الأمة الا ليلا أو نهارا كما تقدم لعدم التمكين التام لأنها لكونها أمة ليست أهلا للاستقلال في التمكين لملك المولى منافعها الا ما ملكه منها الزوج وهو الاستمتاع فلا عبرة الا بتمكين المولى بخلاف ما إذا منع الأب أو غيره الحرة البالغة من زوجها فإنه لا عبرة به ولا يسقط نفقتها إذا كانت ممكنة لأنها مالكة لنفسها فهي مستقلة بالتمكين ويؤيد ذلك أنه لا نفقة للأمة الا من مال المولى فان أراد أسقاطها عن نفسه لزمه التسليم الكامل فإذا لم يفعل لزمته النفقة بخلاف الحرة فربما ينفق على نفسها من مالها وجواز منع المولى للأمة نهارا لما تقدم من بقاء حق الخدمة له لا يستلزم أن يكون التمكين التام بالنسبة إليها هو التمكين ليلا ليلزم به النفقة فان الاجماع منعقد على أنه لا نفقة لها بانتفاء التمكين التام مع تفسيره بالتمكن كل حين في كل مكان وقد يقال انما انعقد الاجماع على سقوط النفقة بالنشوز ولا نشوز هنا لوجوب إطاعة المولى كما لا نشوز بالامتناع للحيض ونحوه ويدفعه ان الأصل البراءة الا فيما أجمع فيه على الوجوب ولا اجماع هنا بخلاف الحايض ونحوها ولو كانت صغيرة يحرم وطئها لم يجب النفقة وإن كان الزوج صغيرا لا يحرم عليه الاستمتاع أو لا يريده منها لتكون كالناشزة فان الاستمتاع بالصغيرة لا يكون إلا بغير الوطي وهو استمتاع نادر لا عبرة به إذ ليس مقصودا بالذات وصغر الزوج بحيث لا يريد الاستمتاع لا يفيد على القول بكون التمكين شرطا أو سببا لوجوب النفقة لصدق انتفائه ولا يفيد تمكينها من الوطي وان حرم أو كان الزوج صغيرا يمكنه الوطي ولا يحرم عليه فإنه تمكين غير مقصود شرعا والفرق بينها وبين الحايض ان الحايض أهل للاستمتاع بالذات وانما المانع أمر طار بخلافها وانها ليس أهلا للتمكين لصغرها ونقصها ولا عبرة بتسليم الولي لأنها ليست مالا بخلاف الحايض فإنها مسلمة لنفسها تسليما معتبرا لكمالها والاجماع على استثناء زمن الحيض ونحوه فالتمكين التام في الشرع هو التمكين في غير هذه الأحوال بخلاف حال الصغر فان استثناؤه غير معلوم والأصل البراءة من النفقة وذهب ابن إدريس إلى استحقاقها النفقة بناء على أنها لا يسقط الا بالنشوز ولا نشوز هنا الا إذا كان الزوج أيضا صغيرا فلا نفقة لها إذ لا يجب على الصغير شئ ولا عبرة (بتسليمه وتسلم الولي لا عبرة صح) به فان تسلم الزوجة منوط بالشهوة ولأنه لا شهوة للصغير فلا استمتاع له بوجه فالمراد به البالغ في الصغر إلى حد لا يتلذذ بالاستمتاع أو لان امتناع الاستمتاع فيه أشد لوجود المانع من الطرفين ولذا يقال إن عدم الوجوب هنا أولى منه إذا كان الصغير أحدهما وكان الأظهر أن يقول وإن كان الزوج كبيرا ليكون إشارة إلى خلاف ابن إدريس وغاية توجيه الكلام على ما ذكره ما ذكرناه ولو كانت كبيرة والزوج صغيرا قيل في الخلاف والمبسوط والجامع والمهذب لا نفقة لها وان مكنت للأصل مع انتفاء التمكين بانتفاء التمكن والوجه وفاقا لابني الجنيد وإدريس والمحقق ثبوتها لتحقق التمكين من طرفها وانما يعتبر في استحقاق العوض التسليم من صاحب العوض الآخر وان لم يتسلمه صاحب الأول مع عموم أدلة الانفاق خرج ما إذا تحقق النشوز أو فقد التمكين وفيه منع تحقق التمكين لما ذكرنا من أنه لا يتحقق بدفن التمكن ومنع عموم الأدلة لما عرفت من اجمالها ولو كانت مريضة مرضا يضربها الوطئ أو لا يمكن به وطؤها أو رتقاء أو قرناء أو كان عظيم الذكر وهي ضعيفة عنه أو كانت ضئيلة وهو عبل يضر وطؤه بها وان لم يكن عظيم الآلة بالنسبة إلى غيره وصدقها الزوج في جميع ذلك فإنه يمنع من الوطي للامر بالمعاشرة بالمعروف ويجب النفقة لظهور العذر منها ورضاه بها فقد قدم على التزوج بمن يتعذر الاستمتاع منها بالوطي فكأنه أسقط حقه من التمكين من الوطي و رضي بما عداه فهو التمكين التام في حقه ولأنه ان لم تجب النفقة لها من دوام عذرها لزم دوام الزوجية بلا نفقة وهو ضرر عظيم وأيام المرض كأيام الحيض في ظهور العذر ورضاه لما يزوج فان الانسان لا ينفك عنه دائما فاستثناؤها لا ينافي تمامية التمكين ولو ادعت قرحة في فرجها يمنع الوطي أو نحوها افتقرت مع انكاره إلى شهادة أربع من النساء ولو فرضت شهادة رجلين بذلك فالظاهر الحكم وان تعذرت الشهادة أحلفته ان ادعت عليه العلم ولو ادعت كبر آلته وضعفها عنها أمر النساء بالنظر إليهما وقت إرادة الجماع ليقفن عليه وهو جايز للحاجة وربما احتمل الاكتفاء بواحدة لأنه أخبار وضعفه ظاهر المطلب الثاني في قدر الواجب من النفقة وتجب في النفقة أمور ثمانية الأول الطعام وانما يجب منه سد الخلة أي حاجتها بحسب حالهما ولعله يدخل في ذلك اختلافها شرافة ووضاعة ولا يتقدر بقدر وفاقا لابني الجنيد والإدريسي والمحقق واطلاق الكتاب والسنة وخبر إسحاق بن عمار سئل الصادق صلوات الله عليه عن حق لأن المرأة على زوجها قال يشبع بطنها ويكسو جثتها وخبر شهاب بن عبد ربه سأله صلوات الله عليه عن ذلك فقال يسد جوعتها ويستر عورتها ولا يقبح لها وجها وإذا فعل ذلك فقد والله أدى حقها وقيل في المبسوط ف؟ قدره مد للرفيعة والوضيعة من الموسر والمعسر لاجماع الفرقة وأخبارهم وما ادعاه غير معلوم لنا نعم في خبر شهاب بعد ما سمعته و يقوتهن بالمد فاني أقوت به نفسي وعيالي ومن البين ان المراد به الفضل وفي المبسوط مدان من الموسر ومد ونصف من المتوسط ومد من المعسر وهو قول الشافعي كما نص عليه في الخلاف ولا دليل عليه عندنا وجنسه غالب قوت البلد كالبرد في العراق وخراسان والأرز في طبرستان والتمر في الحجاز والذرة في اليمن لان شأن كل مطلق حمله على المعتاد ولأنه من المعاشرة بالمعروف بالنسبة إليهما وان اختلف الغالب باختلاف الناس اعتبر حالها بناء على ما تقدم وفي المبسوط ويعتبر بغالب قوت أهل البلد وينظر إلى غالب قوته فأوجب عليه كالاطعام في الكفارات ويحتمل أن يكون أراد به ما ذكره المصنف قوله فإن لم يكن القوت الغالب أي لم يقدر عليه الزوج أما لعدمه أو عدم الوصلة عليه (إليه صح) فما يليق بالزوج لأنه لا تكلف نفس الا وسعها ولقوله تعالى ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ولا حاجة إلى
(١٠٨)