بسم الله الرحمن الرحيم كتاب العتق وفيه مقاصد أربعة القصد الأول العتق واصله الكرم وفي الشرع أو عرفه زوال الرقية عن رقبة الانسان بالفعل أو بالقوة ليدخل الحمل وقد يعتبر نية التقرب وفيه فصول ثلاثة الأول وأركانه مقدمة العتق مشروع وفيه فضل كثير وثواب جزيل باجماع أهل الاسلام والنصوص فقد قال الله تعالى فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة الآية وروي من طريقي الخاصة والعامة فقال إن من أعتق مؤمنا أعتق الله له بكل عضو عضوا له من النار حتى الفرج بالفرج وفي بعض الأخبار انه يعتق بعضوين من الأنثى عضوا له من النار وروي فقال إن من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداه من النار وروي أربع من أراد الله بواحدة منهن وجبت له الجنة من سقى هامة ظامية أو أطعم كبدا جايعة أو كسا جلدا عاريا أو أعتق رقبة مؤمنة إلى غير ذلك من الاخبار وأركانه ثلاثة الأول المحل وهو كل انسان مملوك للمعتق مسلم لم يتعلق به حق لازم من جناية أو حق غريم فلا ينعقد عتق غير المملوك الا بشرائه وإن كان مملوكا لغيره وأجاز المالك من غير خلاف يظهر منا للأصل ولقول الصادق (ع) في خبر ابن مسكان من أعتق مالا يملك فلا يجوز لبعض العامة قول بالوقوع من المعتق الموسر وانه يقوم عليه ولو قال فقال إن ملكتك فأنت حر لم يكن شيئا ولا ينعتق مع ملكه عندنا للاجماع والتعليق وانتفاء الملك وروى في بعض الكتب عن الصادق (ع) في الرجل يقول فقال إن اشتريت غلاما فهو حر لوجه الله وان اشتريت هذا الثوب فهو صدقة لوجه الله وان تزوجت فلانة فهي طالق قال ليس ذلك كله بشئ انما يطلق ويعتق ويتصدق بما يملك وللعامة قول بالانعتاق نعم لو جعل نذرا كان يقول لله عليه فقال إن ملكتك فقال إن أعتقك وجب عليه ايقاع عتقه عند ملكه ولا ينعتق بالملك وكذا لو قال على انك حر فقال إن أملكتك (لم ينعتق بالملك بل وجب عليه الاعتاق إذا ملكه صح) للأصل ولأنه ليس من الايقاع في شئ ولان النذر انما يتعلق بفعله وقيل لأنه لابد من تحقق الملك قبل العتق إذ لا عتق الا في ملك ولو انعتق بالملك اقترانا فلم يقع في الملك ورد بجواز كونه كتملك من ينعتق عليه ولذلك احتمل أن ينعتق بالملك فلا اعتاق كما اختاره ابن حمزة ويختص الرق بأهل الحرب من الكفار وهم الذين يقاتلون حتى يسلموا ولا يقبل منهم جزية وقوله خاصة بمعنى فقال إن لهم من يد اختصاص بالاسترقاق وبأهل الذمة وهم اليهود والنصارى والمجوس إذا اخلوا بشرايط الذمة فإنهم يلتحقون حينئذ بأهل الحرب ولا يسترقون الا بالشرايط المتقدمة في الجهاد ثم إذا استرقوا يسري الرق في أعقابهم المتجددين بعد الاسترقاق وان أسلموا ما لم يتحرروا فتسري الحرية في الأعقاب المتأخرة الا إذا كان أحد الأبوين حرا فتغلب الحرية الا مع شرط الرق كما تقدم في النكاح ولا فرق في جواز الاسترقاق بين سبي المؤمنين وغيرهم من فرق الاسلام والكفار وان اختص الرقيق بالامام أو كانت فيه حصة فقد رخصوا ذلك للشيعة في زمن الغيبة وغير المؤمن يملك بالسبي في الظاهر فيصح الشراء منه ويقوى التملك بالاستيلاء على سبيه بغير عوض ويجوز شراء ولد الحربي وبنته وزوجته وأمه وغيرهم من أقربائه وغيرهم منه إذ هم فئ في الحقيقة للمسلمين يجوز لهم الاستنقاذ بأي وجه أمكنهم فهو استنقاذ في الحقيقة وقد مضى في المتأجر التردد في لحوق احكام البيع به وكل من جهلت حريته إذا أقر بالرق حكم عليه به مع بلوغه ورشده للاخذ بالاقرار وقول علي عليه السلام في صحيح ابن سنان الناس كلهم أحرار لا من أقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك من عبد أو أمة ومن شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا فلا يلتفت إلى انكاره بعد ولو أقام بينة على الحرية لتكذيبه البينة الا أن تظهر تأويلا لاقراره بأن يقول اني لم أكن اعلم تولدي بعد عتق أبوي فلذا أقررت بالرق ثم ظهر لي ذلك بالبينة أو الشياع ولو عين مولاه فأنكر رقية له رجع حرا واحتمل الرقية المجهولة المالك وفي اعتبار الرشد خلاف من عموم الخبر وأخذ العاقل باقراره (مع أنه ليس من الاقرار بالمال إذ لا مالية الا بالأخذ باقراره صح) ومن انه إذا سمع اقراره حكم بكونه ما لا قبل الاقرار اقرار بالمال ولاستلزامه الاقرار بخروج ما بيده فعلا أو قوة عن ملكه وكذا يحكم برق الملتقط في دار الحرب إذا لم يكن فيها مسلم يمكن تولده منه بمعنى استرقاقه لأنه في حكم ذراريهم فلا يكون رقيقا ما لم يسترق ولا يصح عتق الكافر مطلقا وفاقا للأكثر وحكى عليه الاجماع في الانتصار للأصل ويعارضه أصل عدم الاشتراط وغلبية الحرية وللنهي عن انفاق الخبيث وفيه انه غير مفهوم من الانفاق مع اختصاصه بالواجب وكون الخبيث بمعنى الردي من جهة المالية وربما لم يكن الكافر كذلك ولقوله عليه السلام لا عتق الا ما أريد به وجه الله وفيه انه ربما تسبب ذلك لاسلامه ولو ظن المعتق كما روي فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام أعتق عبدا نصرانيا فأسلم أو أراد به وجه الله لكونه انسانا وعبدا من عبيد الله أو كان المعتق كافرا مقرا بالله ولخبر سيف بن عميرة سئل الصادق عليه السلام أيجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا قال لا وهو أخص من المدعي ولأنه يتسلط بالحرية على أهل الدين ويقوى على معاصي الله وضعفه ظاهر وقيل في يه؟ والاستبصار والنافع يجوز مع النذر جمعا بين الخبرين وقد يحمل على أنه نذر اعتاقه وهو لا يعلم أنه كافر وقيل في الخلاف والمبسوط والجامع يجوز مطلقا لانتفاء الدليل على البطلان وعموم أدلة الاعتقاق وما سمعته من فعل علي عليه السلام وان شاد قوله تعالى فتحرير رقبة مؤمنة إليه ويصح عتق ولد الزنا صغيرا أو كبيرا إذا كان مسلما ظاهرا على رأي وفاقا للأكثر للأصل والحكم باسلامه ظاهرا وقول الصادق عليه السلام في خبر سعيد بن يسار لا بأس بأن يعتق ولد الزنا وخلافا لابن إدريس بناء على كفره وادعى الاجماع عليه وربما أريد بقوله (ع) ولد الزنا لا ينجب وقول الصادق عليه السلام من ولد للزنا لا يدخل الجنة والاجماع ممنوع ولو سلم سندهما ففي الباطن والخبران ليسا من الدلالة في شئ ولو سلم فلانتفاء الموافاة ويصح عتق المخالف وان كره لقول الصادق عليه السلام ما اغنى الله عن عنق أحدكم يعتقون اليوم ويكون عليها غدا لا يجوز لكم أن يعتقوا الا عارفا دون الناصب لكفره وهل يصح عتق الجاني الأقرب ذلك فقال إن كانت الجناية خطأ وادى المولى المال أو ضمنه مع رضاه أي المستحق وهو المجني عليه أو وارثه بضمانه فان المانع انما هو تعلق الحق برقبته وقد انتفى بأحد الامرين وان أعتق قبل تحقق واحد منهما احتملت الصحة تراعى فان أدى أو ضمن برضاء المستحق انكشفت الصحة والا البطلان والعبارة تحتمله والأقوى البطلان لتعلق حق الغير بالرقبة ولان الصيغة لا تؤثر حين الايقاع فبعده أولى نعم فقال إن لم تستوعب الجناية الرقية كان المعتق أحد الشريكين والا يجتمع ما ذكر بأن كانت الجناية عمدا أو خطأ ولم يؤد ولم يضمن ولم يرض المستحق فلا يصح العتق لتعيين الحق في الرقية وفي المبسوط يصح في العمد لأنه لا يمتنع القود وللمستحق أحد الأمور إما البيع والاسترقاق أو القود فإذا أعتق بقي له القود دون الخطاء لتعلق الحق بالرقية مع انتفاء القود وأطلق في النهاية صحته في الخطاء وضمان المولى دية المقتول لأنه عاقلته ولا يشترط التعيين على رأي وفاقا للمشهور وفي الكنز انه لم يظهر خلافه للأصل وتغليب الحرية ووقوع العتق منهما في الشرع فيما إذا أعتق مماليكه كلهم في مرضه ولم يخرجوا
(١٨٢)