حيث التملك، لكنه لا يرى نظير هذا الرأي في الصرف للحاجة، فإنه يرى نفقة الزوجة على الزوج ويأمر بالعدل المقتضي للتساوي في المصرف ويعطي للمرأة استقلال الإرادة والعمل فيما تملكه من المال لا مداخلة للرجل فيه، وهذه الجهات الثلاث تنتج أن للمرأة أن تتصرف في ثلثي ثروة الدنيا (الثلث الذي تملكها ونصف الثلثين اللذين يملكهما الرجل) وليس في قبال تصرف الرجل إلا الثلث.
5 - علام استقر حال النساء واليتامى في الإسلام؟
أما اليتامى فهم يرثون كالرجال الأقوياء، ويربون وينمى أموالهم تحت ولاية الأولياء كالأب والجد أو عامة المؤمنين أو الحكومة الإسلامية، حتى إذا بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد دفعت إليهم أموالهم واستووا على مستوى الحياة المستقلة، وهذا أعدل السنن المتصورة في حقهم.
وأما النساء فإنهن بحسب النظر العام يملكن ثلث ثروة الدنيا ويتصرفن في ثلثيها بما تقدم من البيان، وهن حرات مستقلات فيما يملكن لا يدخلن تحت قيمومة دائمة ولا موقتة، ولا جناح على الرجال فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف.
فالمرأة في الإسلام ذات شخصية تساوي شخصية الرجل في حرية الإرادة والعمل من جميع الجهات، ولا تفارق حالها حال الرجل إلا فيما تقتضيه صفتها الروحية الخاصة المخالفة لصفة الرجل الروحية وهي أن لها حياة إحساسية وحياة الرجل تعقلية، فاعتبر للرجل زيادة في الملك العام ليفوق تدبير التعقل في الدنيا على تدبير الإحساس والعاطفة، وتدورك ما ورد عليها من النقص باعتبار غلبتها في التصرف، وشرعت عليها وجوب إطاعة الزوج في أمر المباشرة وتدورك ذلك بالصداق، وحرمت القضاء والحكومة والمباشرة للقتال لكونها أمورا يجب بناؤها على التعقل دون الإحساس، وتدورك ذلك بوجوب حفظ حماهن والدفاع عن حريمهن على الرجال، ووضع على عاتقهم أثقال طلب الرزق والإنفاق عليها وعلى الأولاد وعلى الوالدين، ولها حق حضانة الأولاد من غير إيجاب، وقد عدل جميع هذه الأحكام بأمور أخرى دعين إليها كالتحجب وقلة مخالطة الرجال وتدبير المنزل وتربية الأولاد.
وقد أوضح معنى امتناع الإسلام عن إعطاء التدابير العامة الاجتماعية - كتدبير الدفاع والقضاء والحكومة - للعاطفة والإحساس ووضع زمامها في يدها، النتائج المرة التي يذوقها المجتمع البشري إثر غلبة الإحساس على التعقل في عصرنا الحاضر، وأنت بالتأمل في الحروب العالمية الكبرى التي هي من هدايا المدنية الحاضرة، وفي الأوضاع العامة الحاكمة على الدنيا، وعرض هذه الحوادث على العقل والإحساس العاطفي تقف على تشخيص مامنه الإغراء وما إليه النصح، والله الهادي.
على أن الملل المتمدنة من الغربيين لم يألوا