تنتظرون ههنا؟ قالوا: محمدا، قال: قد والله خرج محمد عليكم ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه التراب وانطلق لحاجته، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه التراب، ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش متشحا (1) ببرد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيقولون: إن هذا لمحمد نائم عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي من الفراش فقالوا: والله لقد صدقنا الذي كان حدثنا به (2).
- أورد الغزالي في كتاب إحياء العلوم أن ليلة بات علي بن أبي طالب (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل أني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بحياته؟ فاختار كل منهما الحياة وأحباها، فأوحى الله تعالى إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل (عليه السلام) ينادي: بخ بخ، من مثلك يا بن أبي طالب؟ يباهي الله بك الملائكة! فأنزل الله عز وجل: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * (3) (4).
- عبد الله بن بريدة، عن أبيه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يتطير، وكان يتفأل، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل فيمن يأخذ نبي الله (صلى الله عليه وآله) فيرده عليهم حين توجه إلى المدينة، فركب بريدة (5) في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقى نبي الله (صلى الله عليه وآله)، فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله): من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، ثم قال: وممن أنت؟ قال:
من أسلم، قال (صلى الله عليه وآله): سلمنا، قال: ممن؟ قال:
من بني سهم، قال: خرج سهمك، فقال بريدة للنبي (صلى الله عليه وآله): من أنت؟ فقال: أنا محمد بن عبد الله رسول الله، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا، فلما أصبح قال بريدة للنبي (صلى الله عليه وآله): لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء، فحل عمامته ثم شدها في رمح، ثم مشى بين يديه فقال: يا نبي الله تنزل علي؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله):
إن ناقتي هذه مأمورة، قال بريدة: الحمد لله أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين (6).
بيان: قال في الفائق: برد أمرنا، أي سهل، من العيش البارد، وهو الناعم السهل، وقيل:
ثبت، من برد لي عليه حق، خرج سهمك: أي ظفرت، وأصله أن يجيلوا السهام على شئ، فمن خرج سهمه حازه (7).