أموالهم) * القيم هو الذي يقوم بأمر غيره، والقوام والقيام مبالغة منه.
والمراد بما فضل الله بعضهم على بعض هو ما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع على النساء، وهو زيادة قوة التعقل فيهم، وما يتفرع عليه من شدة البأس والقوة والطاقة على الشدائد من الأعمال ونحوها، فإن حياة النساء حياة إحساسية عاطفية مبنية على الرقة واللطافة، والمراد بما أنفقوا من أموالهم ما أنفقوه في مهورهن ونفقاتهن.
وعموم هذه العلة يعطي أن الحكم المبني عليها - أعني قوله: * (الرجال قوامون على النساء) * - غير مقصور على الأزواج بأن يختص القوامية بالرجل على زوجته، بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعا، فالجهات العامة الاجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلا اللذين يتوقف عليهما حياة المجتمع، وإنما يقومان بالتعقل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوة التعقل، كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء.
وعلى هذا فقوله: * (الرجال قوامون على النساء) * ذو إطلاق تام، وأما قوله بعد:
* (فالصالحات قانتات) * إلخ الظاهر في الاختصاص بما بين الرجل وزوجته على ما سيأتي فهو فرع من فروع هذا الحكم المطلق وجزئي من جزئياته مستخرج منه من غير أن يتقيد به إطلاقه.
قوله تعالى: * (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) * المراد بالصلاح معناه اللغوي، وهو ما يعبر عنه بلياقة النفس. والقنوت هو دوام الطاعة والخضوع.
ومقابلتها لقوله: * (واللاتي تخافون نشوزهن...) * إلخ تفيد أن المراد بالصالحات الزوجات الصالحات، وأن هذا الحكم مضروب على النساء في حال الازدواج لا مطلقا، وأن قوله: * (قانتات حافظات) * - الذي هو إعطاء للأمر في صورة التوصيف، أي ليقنتن وليحفظن - حكم مربوط بشؤون الزوجية والمعاشرة المنزلية، وهذا مع ذلك حكم يتبع في سعته وضيقه علته أعني قيمومة الرجل على المرأة قيمومة زوجية، فعليها أن تقنت له وتحفظه فيما يرجع إلى ما بينهما من شؤون الزوجية.
وبعبارة أخرى: كما أن قيمومة قبيل الرجال على قبيل النساء في المجتمع إنما تتعلق بالجهات العامة المشتركة بينهما المرتبطة بزيادة تعقل الرجل وشدته في البأس وهي جهات الحكومة والقضاء والحرب - من غير أن يبطل بذلك ما للمرأة من الاستقلال في الإرادة الفردية وعمل نفسها بأن تريد ما أحبت وتفعل ما شاءت من غير أن يحق للرجل أن يعارضها في شئ من ذلك في غير المنكر فلا جناح عليهم فيما فعلن في أنفسهن بالعروف - كذلك قيمومة الرجل لزوجته ليست بأن لا تنفذ للمرأة فيما تملكه إرادة ولا تصرف، ولا أن لا تستقل المرأة في حفظ