بلفظ: لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه ويجاب عن دعوى مخالفة هذا الحديث الصحيح للأصول بأن السنة الصحيحة من جملة الأصول، فلا تر إلا بمعارض أرجح منها بعد تعذر الجمع. وعن حديث ابن عمر بأنه عام، وحديث الباب خاص، فيبنى العام على الخاص، والنسخ لا يثبت إلا بدليل يقضي بتأخر الناسخ على وجه يتعذر معه الجمع لا بمجرد الاحتمال مع الامكان. وقال الأوزاعي والليث وأبو ثور: إنه يتعين حمل الحديث على ما إذا امتنع الراهن من الانفاق على المرهون فيباح حينئذ للمرتهن، وأجود ما يحتج به للجمهور حديث أبي هريرة الآتي وستعرف الكلام عليه. قوله: الدر بفتح الدال المهملة وتشديد الراء مصدر بمعنى الدارة أي لبن الدابة ذات الضرع. وقيل: هو ههنا من إضافة الشئ إلى نفسه كقوله تعالى: * (حب الحصيد) * (سورة ق، الآية: 9). وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه رواه الشافعي والدارقطني وقال:
هذا إسناد حسن متصل.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه، وأخرجه أيضا ابن ماجة من طريق أخرى، وصحح أبو داود والبزار والدارقطني وابن القطان إرساله عن سعيد ابن المسيب بدون ذكر أبي هريرة. قال في التلخيص: وله طرق في الدارقطني والبيهقي كلها ضعيفة. وقال في بلوغ المرام: إن رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله اه. وساقه ابن حزم من طريق قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن أبي طالب الأنطاكي وغيره من أهل الثقة، حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي، حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يغلق الرهن الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه قال ابن حزم هذا: إسناد حسن، وتعقبه الحافظ بأن قوله نصر بن عاصم تصحيف وإنما هو عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي وله أحاديث منكرة. وقد رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن نصر المذكور، وصحح هذه الطريق عبد الحق، وصحح أيضا وصله ابن عبد البر وقال: هذه اللفظة يعني له غنمه وعليه غرمه اختلف الرواة في رفعها ووقفها، فرفعها ابن أبي ذئب ومعمر وغيرهما، ووقفها غيرهم. وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوده وبين أن هذه اللفظة من