بالقلع يستلزم الاضرار بأرض المالك بالحفر، فلا يجوز.
ولكن الحق عدم صحة ذلك، لأن الأرض رجعت إلى المالك مجوفة محفورة لأن الغرس كان يشغل مقدارا من فضائها الداخلي. فإذا تمكن الغارس من قلع غرسه بلا زيادة حفر يعد ضررا، لم يكن في القلع ضرر على المالك كي يكون المورد من موارد تعارض الضررين. فله استنقاذ غرسه ولو استلزم التصرف في أرض الغير وليس عليه أرش طم الحفر حينئذ خلافا للشيخ (قدس سره)، فتدبر.
وقد ذهب المحقق الإيرواني (رحمه الله) (1) إلى أن للغارس حق القلع ولا أرش، لما ذكرناه من عدم لحوق ضرر على الأرض لأنها انتقلت إلى مالكها محفورة بالشجر.
كما أن للمالك حق القلع ولا ضمان، لأن البقاء غير جائز لأنه تصرف في أرض الغير فيكون ظلما وعدوانا، فلا حق له إذ ليس لعرق ظالم حق.
وفيه: أن البقاء لا يعد غصبا وتصرفا من الغارس في أرض الغير بدون إذنه لأنه لا يستند إليه فعلا. ومجرد تمكنه من قلعه لا يصحح نسبة الغصب إليه، وحدوثه وإن كان باختياره لكنه كان في ملكه، فلا يكون البقاء في ملك الغير بما هو كذلك ناشئا عن اختياره، وسيجئ بعض توضيح لذلك.
ومن مجموع ما تقدم ظهر لك وجه جواز قلع الغرس بلا ضمان، لأن البقاء تصرف في ملك الغير. وأما عدم جواز القلع مطلقا فلأنه إضرار بالغارس، فلا تتحكم قاعدة السلطنة على المال.
وأما وجه جواز القلع مع الضمان، فيمكن أن يقرب ببيان: أن للغرس حكمين أحدهما حرمة التصرف فيه بالقلع لأنه مال الغير. والآخر ثبوت الضمان مع اتلافه بالقلع، والحرمة مرتفعة بقاعدة " لا ضرر " لأن البقاء ضرر على المالك لعدم التمكن من الانتفاع بالعين مع بقاء الغرس فتصير العين مسلوبة المنفعة وهو نقص فيها.
إذن، فيجوز القلع بقاعدة نفي الضرر ولا ينافي ذلك سقوط سلطنة المالك على قلع الغرس لقاعدة " لا ضرر "، إذ نحن نلحظ نفس التصرف بمال الغير من حيث هو لا من حيث إن مال الغير يزاحم مال المالك.