الثاني: عدم تسلط المغبون على القلع مطلقا، كما عليه المشهور إذا رجع بائع الأرض المغروسة بعد تفليس المشتري.
ووجهه: أن الغرس إذا قلع صار مباينا عرفا لما عليه في حال الغرس، فالقلع يستلزم زوال المال وتلف العين، لأنه في حال الغرس شجر وبعد القلع خشب، وليس كالمتاع الموضوع في بيت بحيث يبقى على ما هو عليه بعد اخراجه وإنما تقل قيمته فقط. فما نحن فيه نظير ما إذا باع رقبة الأرض المغروسة في عدم الحق للمشتري في قلع الغرس.
الثالث: تسلطه على القلع مع الأرش، كما اختاره في المسالك (1) هنا وقيل به في الشفعة والعارية. ووجهه أن الغرس إنما وقع في ملك متزلزل ولا دليل على استحقاق الغرس على الأرض البقاء، وقياس الأرض المغروسة على الأرض المستأجرة حيث لا يفسخ إجارتها ولا تغرم لها أجرة المثل فاسد، لأن الفرق موجود لتملك تمام المنفعة في تمام المدة قبل استحقاق الفاسخ في مسألة الإجارة، وليس كذلك فيما نحن فيه إذ المستحق هو نفس الغرس المنصوب بلا استحقاق للمكان في الأرض، فله قلعه مع أرش الغرس.
وقال الشيخ (قدس سره) (2) بعد نقل هذه الوجوه وتوجيهها بما عرفت: " فالتحقيق أن كلا من المالكين يملك ماله لا بشرط حق له على الآخر ولا عليه له فلكل منهما تخليص ماله عن مال صاحبه فإن أراد مالك الغرس قلعه فعليه أرش طم الحفر وإن أراد مالك الأرض تخليصها فعليه أرش الغرس أعني تفاوت ما بين كونه منصوبا دائما وكونه مقلوعا. وكونه مالا للمالك على صفة النصب دائما ليس اعترافا بعدم تسلطه على قلعه لأن المال هو الغرس المنصوب ومرجع دوامه إلى دوام ثبوت هذا المال الخاص له فليس هذا من باب استحقاق الغرس للمكان فأفهم ".